الصحيفة، جعل السجل كأنه يطوي الكتاب.
ثم استأنف، فقال تعالى: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ الخلق ها هنا مصدر، وليس بمعنى المخلوق. وفي معنى الكلام أربعة أقوال:
أحدها: كما بدأناهم في بطون أُمَّهاتهم حفاةً عُراةً غُرلاً، كذلك نعيدهم يوم القيامة.
(1001) روي عن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «يحشر الناس يوم القيامة عراةً حفاة غرلا كما خلقوا، ثم قال: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وإِلى هذا المعنى ذهب مجاهد.
والثاني: أن المعنى: إِنا نُهلك كل شيء كما كان أول مرة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: أن السماء تمطر أربعين يوماً كمني الرجال، فينبتون بالمطر في قبورهم، كما ينبتون في بطون أُمَّهاتهم، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والرابع: أن المعنى: قُدرتنا على الإِعادة كقُدرتنا على الابتداء، قاله الزجاج.
قوله تعالى: وَعْداً قال الزجاج: هو منصوب على المصدر، لأن قوله تعالى: «نعيده» بمعنى:
وعدنا هذا وعداً، إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ أي: قادرين على فعل ما نشاء. وقال غيره: إِنا كنا فاعلين ما وَعَدْنا.
قوله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ فيه أربعة أقوال «1» :
أحدها: أن الزَّبور جميع الكتب المنزَلة من السماء، و «الذِّكْر» : أُمُّ الكتاب الذي عند الله، قاله سعيد بن جبير في رواية، ومجاهد، وابن زيد، وهذا معنى قول ابن عباس في رواية ابن جبير، فإنه قال: الزّبور: التّوراة والإِنجيل والقرآن، والذِّكر: الذي في السماء. والثاني: أن الزبور: الكتب، والذِّكر: التوراة، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أن الزبور: القرآن، والذِّكْر: التوراة والإِنجيل، قاله سعيد بن جبير في رواية. والرابع: أن الزبور: زبور داود، والذِّكْر: ذِكْر موسى، قاله الشعبي.
وفي الأرض المذكورة ها هنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنها أرض الجنة، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وبه قال الأكثرون. والثاني: أرض الدنيا، وهو منقول عن ابن عباس أيضاً. والثالث: الأرض المقدسة، قاله ابن السّائب.