قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ وهي جمع خِمار، وهو ما تغطى به المرأة رأسها، والمعنى:
وليُلْقِين مَقانِعَهن عَلى جُيُوبِهِنَّ ليسترن بذلك شعورهن وقرطهن وأعناقهن. وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، وإبراهيم النخعي، والأعمش: «على جِيوبهن» بكسر الجيم، وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ يعني:
الخفية، وقد سبق بيانها إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ قال ابن عباس: لا يضعن الجلباب والخمار إلا لأزواجهن.
قوله تعالى: أَوْ نِسائِهِنَّ يعني: المسلمات. قال أحمد: لا يحل للمسلمة ان تكشف راسها عند نساء أهل الذمة واليهودية والنصرانية لا تقبِّلان المسلمة «1» .
قوله تعالى: أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ قال اصحابنا: المراد به: الإماء دون العبيد. وقال أصحاب الشّافعيّ: يدخل فيه العبيد، يجوز للمرأة عندهم أن تظهر لمملوكها ما تظهر لمحارمها، لأنّ مذهب الشّافعيّ رضي الله عنه أنه مَحْرم لها، وعندنا انه ليس بمحرم، ولا يجوز أن ينظر إلى غير وجهها وكفّيها، وقد نصّ أحمد على أنه لا يجوز أن ينظر إلى شعر مولاته. قال القاضي أبو يعلى: وإنما ذكر الإماء في الآية، لأنه قد يظن الظان أنه لا يجوز أن تبدي زينتها للإماء، لأن الذين تقدم ذكرهم احرار، فلما ذكر الإماء زال الإشكال.
قوله تعالى: أَوِ التَّابِعِينَ وهم الذين يتبعون القوم ويكونون معهم لإرفاقهم إياهم، او لأنهم تشؤوا فيهم. وللمفسرين في هذا التابع ستة اقوال: أحدها: أنه الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل، قاله قتادة، وكذلك قال مجاهد: هو الأبله الذي يريد الطعام ولا يريد النساء. والثاني: أنه العنين، قاله عكرمة. والثالث: المخنث، كان يتبع الرجل يخدمه بطعامه، ولا يستطيع غشيان النساء ولا يشتهيهن، قاله الحسن. والرابع: أنه الشيخ الفاني. والخامس: أنه الخادم، قالهما ابن السائب.
والسادس: أنه الذي لا يكترث بالنساء، إما لكبر أو لهرم أو لصغر، ذكره ابن المنادي من أصحابنا. قال الزجاج: «غير» صفة للتابعين. وفيه دليل على ان قوله: أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ معناه: غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ فالمعنى: ولا يبدين زينتهن لمماليكهن، ولا لتُبَّاعِهن، إلا أن يكونوا غير أولي الإربة، والإربة: الحاجة، ومعناه: غير ذوي الحاجات إلى النساء «2» .