جعفر مثله، إِلا أن العين مكسورة، و «العذابَ» بالنصب.
قوله تعالى: وَيَخْلُدْ وقرأ أبو حيوة وقتادة والأعمش: «ويُخْلَد» برفع الياء وسكون الخاء وفتح اللام مخففة. وقرأ عاصم الجحدري وابن يعمر وأبو المتوكل مثله، إِلا أنهم شدَّدوا اللام.
فصل:ولعلماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها منسوخة وفي ناسخها ثلاثة أقوال: أحدها: أنه قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ «1» ، قاله ابن عباس. وكان يقول: هذه مكية، والتي في النساء مدنية. والثاني: أنها نسخت بقوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ الآية «2» . والثالث: أنّ الأولى نسخت بالثانية، وهي: إِلَّا مَنْ تابَ.
والقول الثاني: أنها محكمة والخلود إِنما كان لانضمام الشرك إِلى القتل والزنا. وفساد القول الأول ظاهر، لأن القتل لا يوجب تخليداً عند الأكثرين وقد بيَّنَّاه في سورة النساء «3» ، والشِّرك لا يُغْفَر إِذا مات المشرك عليه، والاستثناء ليس بنسخ.
قوله تعالى: إِلَّا مَنْ تابَ. قال ابن عباس:
(1057) قرأنا على عهد رسول الله سنتين: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ثم نزلت إِلَّا مَنْ تابَ فما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم فرح بشيء فرحه بها، وب إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً.
قوله تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ اختلفوا في كيفية هذا التبديل وفي زمان كونه، فقال ابن عباس: يبدِّل الله شركهم إِيماناً، وقتلهم إِمساكاً، وزناهم إِحصاناً وهذا يدل: أولا:
على أنه يكون في الدنيا، وممن ذهب إلى هذا المعنى سعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد. والثاني: أن هذا يكون في الآخرة، قاله سلمان رضي الله عنه، وسعيد بن المسيّب، وعليّ بن الحسين. وقال عمرو بن ميمون: يبدِّل الله سيئات المؤمن إِذا غفرها له حسنات، حتى إِن العبد يتمنَّى أن تكون سيئاته أكثر مما هي. وعن الحسن كالقولين. وروي عن الحسن أنه قال: وَدَّ قومٌ يوم القيامة أنهم كانوا في الدنيا استكثروا من الذُّنوب فقيل: من هم؟ قال: هم الذين قال الله تعالى فيهم: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ.
(1058) ويؤكِّد هذا القولَ حديثُ أبي ذرّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «يؤتى بالرّجل يوم القيامة، فيقال: