والابتغاء: الالتماس. والفضل هاهنا: النّفع بالتجارة والكسب قال ابن قتيبة: أفضتم، بمعنى:
دفعتم، وقال الزجاج: معناه: دفعتم بكثرة، يقال: أفاض القوم في الحديث: إذا اندفعوا فيه، وأكثروا التصرف. وفي تسمية «عرفات» قولان: أحدهما: أن الله تعالى بعث جبريل إلى إبراهيم فحج به، فلما أتى عرفات قال: قد عرفت، فسمّيت «عرفة» ، قاله عليّ عليه السّلام «1» . والثاني: أنها سميت بذلك لاجتماع آدم وحواء، وتعارفهما بها، قاله الضحاك «2» . قال الزجاج والمشعر: المعلم، سمي بذلك لأن الصلاة عنده. والمقام والمبيت والدعاء من معالم الحج، وهو مزدلفة وهي جمع يسمى بالاسمين.
قال ابن عمر ومجاهد: المشعر الحرام المزدلفة كلها.
قوله تعالى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ، أي: جزاء هدايته لكم، فان قيل: ما فائدة تكرير الذكر؟ قيل: فعنه أربعة أجوبة: أحدها: أنه كرره للمبالغة في الأمر به. والثاني: أنه وصل بالذكر الثاني ما لم يصل بالذكر الأول، فحسن تكريره. فالمعنى: اذكروه بتوحيده كما ذكركم بهدايته. والثالث: أنه كرره ليدل على مواصلته، والمعنى: اذكروه ذكراً بعد ذكر، ذكر هذه الأقوال محمد بن القاسم النحوي.
والرابع: أن الذكر في قوله: فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ، هو: صلاة المغرب والعشاء اللتان يجمع بينهما بالمزدلفة. والذكر في قوله: كَما هَداكُمْ هو: الذكر المفعول عند الوقوف بمزدلفة غداة جمع، حكاه القاضي أبو يعلى.
قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ، في هاء الكناية ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ترجع إلى الإسلام، قاله ابن عباس. والثاني: أنها ترجع إلى الهدى، قاله مقاتل، والزجاج. والثالث: أنها ترجع إلى القرآن، قاله سفيان الثوري.
قوله تعالى: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ. قالت عائشة:
(88) كانت قريش ومن يدين بدينها، وهم الحمس، يقفون عشيّة عرفة بالمزدلفة، يقولون: نحن قطين البيت، وكان بقية العرب والناس يقفون بعرفات، فنزلت هذه الآية. قال الزجاج: سموا الحمس لأنهم تحمسوا في دينهم، أي: تشددوا. والحماسة: الشدة في كل شيء.
وفي المراد بالناس هاهنا أربعة أقوال «3» : أحدها: أنهم جميع العرب غير الحمس، ويدل عليه حديث عائشة، وهو قول عروة، ومجاهد، وقتادة. والثاني: أن المراد بالناس هاهنا: إبراهيم الخليل،