سورة السجده (32) : الآيات 23 الى 30وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (23) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (27)
وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)
قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ يعني التوراة فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ فيه أربعة أقوال:
(1112) أحدها: فلا تكن في مرية من لقاء موسى ربَّه، رواه ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
والثاني: من لقاء موسى ليلة الإِسراء، قاله أبو العالية، ومجاهد، وقتادة، وابن السائب. والثالث:
فلا تكن في شكٍّ من لقاء الأذى كما لقي موسى، قال الحسن. والرابع: لا تكن في مرية من تلقّي موسى كتاب الله عزّ وجلّ بالرضى والقبول، قاله السدي.
قال الزجاج: وقد قيل: فلا تكن في شكٍّ من لقاء موسى الكتاب، فتكون الهاء للكتاب. وقال أبو علي الفارسي: المعنى: من لقاء موسى الكتاب، فأضيف المصدر إِلى ضمير الكتاب، وفي ذلك مدح على امتثاله ما أُمر به، وتنبيه على الأخذ بمثل هذا الفعل. وفي قوله تعالى: وَجَعَلْناهُ هُدىً قولان:
أحدها: الكتاب، قاله الحسن. والثاني: موسى، قاله قتادة. وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أي: من بني إِسرائيل أَئِمَّةً أي: قادة في الخير يَهْدُونَ بِأَمْرِنا أي: يَدْعون الناس إِلى طاعة الله لَمَّا صَبَرُوا وقرأ ابن كثير وعاصم ونافع وأبو عمرو وابن عامر: «لَمَّا صبروا» بفتح اللام وتشديد الميم. وقرأ حمزة والكسائي: «لِمَا» بكسر اللام خفيفة. وقرأ ابن مسعود: «بما» بباء مكان اللام والمراد: صبرهم على دينهم وأذى عدوِّهم وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ أنها من الله عزّ وجلّ وفيهم قولان: أحدهما: أنهم الأنبياء. والثاني: أنهم قومٌُ صالحون سوى الأنبياء. وفي هذا تنبيه لقريش أنكم إِن أَطعتم جعلتُ منكم أئمة.
قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ أي: يقضي ويحكُم وفي المشار إِليهم قولان: