سورة الزّخرف
وهي مكية بإجماعهم. وقال مقاتل: هي مكّيّة، إلّا آية، وهي قوله: وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا «1» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة الزخرف (43) : الآيات 1 الى 10
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ (5) وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6) وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (7) فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَمَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10)
قوله تعالى: حم قد تقدّم بيانه. وَالْكِتابِ الْمُبِينِ قسمٌ بالقرآن. إِنَّا جَعَلْناهُ قال سعيد بن جبير: أنزَلْناه. وما بعد هذا قد تقدّم بيانه «2» إلى قوله: وَإِنَّهُ يعني القرآن فِي أُمِّ الْكِتابِ قال الزجاج: أي: في أصل الكتاب، وأصل كلِّ شيء: أُمُّه، والقرآن مُثْبَتٌ عند الله عزّ وجلّ في اللوح المحفوظ. قوله تعالى: لَدَيْنا أي: عندنا لَعَلِيٌّ أي: رفيع. وفي معنى الحكيم قولان: أحدهما:
مُحْكَم، أي: ممنوعٌ من الباطل، قاله مقاتل. والثاني: حاكمٌ لأهل الإِيمان بالجنة ولأهل الكفر بالنار، ذكره أبو سليمان الدمشقي، والمعنى: إن كذَّبتم به يا أهل مكة فإنه عندنا شريفٌ عظيمُ المَحَلِّ. قوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً قال ابن قتيبة: أي: نُمْسِكُ عنكم فلا نذكُركم صفحاً، أي:
إِعراضاً، يقال: صَفَحْتُ عن فلان: إذا أعرضت عنه، والأصل في ذلك أن تُولِّيه صَفْحةَ عنقك، قال كُثَيِّر يصف امرأة:
صَفُوحاَ فما تَلْقاكَ إلاّ بَخِيلَةً
... فمَنْ مَلَّ منها ذلك الوَصْلَ مَلَّتِ «3»
أي: مُعْرِضَة بوجهها، يقال ضَرَبْتُ عن فلان كذا: إِذا أمسكتَه، وأضربتَ عنه. أَنْ كُنْتُمْ قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر: «أن كنتم» بالنصب، أي: لأِن كنتم قوماً مسرفين.
وقرأ نافع، وحمزة، والكسائي: «إِن كنتم» بكسر الهمزة. قال الزجاج: وهذا على معنى الاستقبال،