وَنادَوْا يا مالِكُ وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وابن مسعود، وابن يعمر: «يا مالِ» بغير كاف مع كسر اللام. قال الزجاج: وهذا يسميه النحويون: الترخيم، ولكني أكرهها لمخالفة المصحف. قال المفسرون: يَدْعُون مالكاً خازنَ النار فيقولون: لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ أي: لِيُمِتْنا والمعنى: أنهم توسَّلوا به ليَسأل الله تعالى لهم الموتَ فيستريحوا من العذاب فيسكُت عن جوابهم مُدَّةً، فيها أربعة أقوال:
أحدها: أربعون عاماً، قاله عبد الله بن عمرو، ومقاتل. والثاني: ثلاثون سنة، قاله أنس. والثالث: ألف سنة، قاله ابن عباس. والرابع: مائة سنة، قاله كعب. وفي سكوته عن جوابهم هذه المدة قولان.
أحدهما: أنه سكت حتى أوحى الله إِليه أَن أَجِبْهم، قاله مقاتل. والثاني: لأن بُعْدَ ما بين النداء والجواب أخزى لهم وأذَلُّ. قال الماوردي: فردَّ عليهم مالك فقال: إِنَّكُمْ ماكِثُونَ أي: مقيمون في العذاب. لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ أي: أرسَلْنا رسلنا بالتوحيد وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ قال ابن عباس: يريد: كُلّكم كارِهُونَ لِما جاء به محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
قوله تعالى: أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً في «أَمْ» قولان: أحدهما: أنها للاستفهام. والثاني: بمعنى «بل» .
والإِبرام: الإِحكام. وفي هذا الأمر ثلاثة أقوال: أحدها: المكر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليقتُلوه أو يُخْرِجوه حين اجتمعوا في دار النّدوة وقد سبق بيان القصة «1» ، قاله الأكثرون. والثاني: أنه إِحكام أمرهم في تكذيبهم، قاله قتادة. والثالث: أنه: إِبرامُ أمرهم يُنجيهم من العذاب، قاله الفراء. فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أي:
مُحْكِمون أمراً في مجازاتهم. أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وهو ما يُسِرُّونه من غيرهم وَنَجْواهُمْ ما يتناجَوْن به بينهم بَلى والمعنى: إنّا نَسمع ذلك وَرُسُلُنا يعني من الحَفَظة لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ. قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ في «إِنْ» قولان «2» : أحدهما: أنها بمعنى الشرط، والمعنى: إِن كان له ولد في قولكم وعلى زعمكم، فعلى هذا في قوله: فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أربعة أقوال: أحدها: فأنا أول الجاحدين، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وفي رواية أخرى عن ابن عباس: أن أعرابيَّين اختصما إليه، فقال أحدهما: إِن هذا كانت لي في يده أرض، فعبدنيها، فقال ابن عباس: الله أكبر، فأنا أوّل