مسعود. والثاني: إلى عذاب الله، قاله قتادة. قوله تعالى: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى وقرأ الحسن، وابن يعمر، وأبو عمران: «يومَ تُبْطَشُ» بتاء مرفوعة وفتح الطاء «البَطْشَةُ» بالرفع. قال الزجاج: المعنى:
واذكر يومَ نَبْطِش، ولا يجوز أن يكون منصوباً بقوله: «مُنْتَقِمُونَ» ، لأن ما بعد «إنّا» لا يجوز أن يعمل فيما قبلها. وفي هذا اليوم قولان: أحدهما: يوم بدر، قاله ابن مسعود وأُبيُّ بن كعب وأبو هريرة وأبو العالية ومجاهد والضحاك. والثاني: يوم القيامة، قاله ابن عباس والحسن. والبَطْش: الأخذ بقوّة.
سورة الدخان (44) : الآيات 17 الى 29وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (19) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ (20) وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (21)
فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ (22) فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (23) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ (24) كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (26)
وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ (27) كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (28) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ (29)
قوله تعالى: وَلَقَدْ فَتَنَّا أي: ابتَلَينا قَبْلَهُمْ أي: قَبْلَ قومك قَوْمَ فِرْعَوْنَ بارسال موسى إِليهم وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ وهو موسى بن عمران. وفي معنى «كريم» ثلاثة أقوال: أحدها: حسن الخُلُق، قاله مقاتل. والثاني: كريم على ربِّه، قاله الفراء. والثالث: شريفٌ وسيطُ النسب، قاله أبو سليمان. قوله تعالى: أَنْ أَدُّوا أي: بان أدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللَّهِ وفيه قولان: أحدهما: أدُّوا إلى ما أدعوكم إليه من الحق باتِّباعي، روى هذا المعنى العوفي عن ابن عباس. فعلى هذا ينتصب «عبادَ الله» بالنداء. قال الزجاج: ويكون المعنى: أن أدُّوا إِليَّ ما آمُركم به يا عباد الله. والثاني: أرسِلوا معي بني إِسرائيل، قاله مجاهد، وقتادة، والمعنى: أطلِقوهم من تسخيركم، وسلِّموهم إِليَّ. وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا تفتروا عليه، قاله ابن عباس. والثاني: لا تعتوا عليه، قاله قتادة.
والثالث: لا تعظَّموا عليه، قاله ابن جريج إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ أي: بحجة تدل على صدقي. فلمّا قال هذا تواعدوه بالقتل فقال: وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ وفيه قولان: أحدهما: أنه رجم القول، قاله ابن عباس فيكون المعنى: أن يقولوا: شاعر أو مجنون. والثاني: القتل، قاله السدي. وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ أي: فاتركوني لا معي ولا علَيَّ، فكفروا ولم يؤمنوا، فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قال الزجاج: من فتح «أنَّ» ، فالمعنى: بأن هؤلاء ومن كسر، فالمعنى: قال: إنّ هؤلاء، و «إنّ» بعد القول مكسورة. وقال المفسرون: المجرمون هاهنا: المشركون. فأجاب اللهُ دعاءه، وقال: فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا يعني بالمؤمنين «1» إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ يتبعكم فرعون وقومه فأعلمهم أنهم يتبعونهم، وأنه سيكون