رسول الله بما أعطاك الله، فما لَنا؟ فنزلت هذه الآية، قاله أنس بن مالك.
(1286) قال مقاتل: فلمّا سمع عبد الله بن أُبيّ بذلك، انطلق في نَفَرٍ إِلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقالوا: ما لَنا عند الله؟ فنزلت: وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ
... الآية.
قال ابن جرير كُرِّرت اللاّمُ في «لِيُدْخِلَ» على اللام في «لِيَغْفِرَ» ، فالمعنى: إَِنّا فَتَحْنا لك لِيَغْفِرَ لك اللهُ لِيُدْخِلَ المؤمنين، ولذلك لم يُدخِل بينهما واو العطف، والمعنى: لِيُدْخِل ولِيُعَذِّب.
قوله تعالى: عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ قرأ ابن كثير وأبو عمرو بضم السين والباقون بفتحها.
قوله تعالى: وَكانَ ذلِكَ أي: ذلك الوَعْد بإدخالهم الجنة وتكفير سيِّئاتهم عِنْدَ اللَّهِ أي في حُكمه فَوْزاً عَظِيماً لهم والمعنى: أنه حكم لهم بالفَوْز، فلذلك وعدهم إِدخال الجنة.
قوله تعالى: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ فيه خمسة أقوال: أحدها: أنهم ظنُّوا أن لله شريكاً.
والثاني: أن الله لا ينصُر محمداً وأصحابه. والثالث: أنهم ظنُّوا به حين خرج إِلى الحديبية أنه سيُقْتَل أو يهزم ولا يعود ظافراً. والرابع: أنهم ظنُّوا أنهم ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمنزلة واحدة عند الله. والخامس: ظنُّوا أن الله لا يبعث الموتى. وقد بيَّنّا معنى «دائرة السّوء» في براءة «1» . وما بعد هذا قد سبق بيانه «2» إلى قوله: لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قرأ ابن كثير وأبو عمرو: «لِيُؤْمِنوا» بالياء «ويُعزِّروه ويُوقِّروه ويُسبِّحوه» كلُّهن بالياء، والباقون: بالتاء، على معنى: قل لهم: إِنّا أرسلناك، لتؤمنوا، وقرأ علي بن أبي طالب وابن السميفع: «ويُعَزٍّزوه» بزاءين. وقد ذكرنا في الأعراف «3» معنى «ويُعَزِّروه» عند قوله: «وعزَّروه ونصروه» . قوله تعالى: وَتُوَقِّرُوهُ أي: تعظّموه وتبجّلوه. واختار كثير من القرَّاء الوقف هاهنا، لاختلاف الكناية فيه وفيما بعده. قوله تعالى: وَتُسَبِّحُوهُ هذه الهاء ترجع إلى الله عزّ وجلّ. والمراد بتسبيحه هاهنا: الصلاةُ له. قال المفسرون: والمراد بصلاة البُكرة: الفجر، وبصلاة الأصيل: باقي الصلوات الخمس. قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ يعني بَيْعة الرّضوان بالحديبية. وعلى ماذا بايعوه؟ فيه قولان:
(1287) أحدهما: أنهم بايعوه على الموت، قاله عبادة بن الصامت.
(1288) والثاني: على أن لا يفِرًّوا، قاله جابر بن عبد الله. ومعناهما متقارب، لأنه أراد: على أن لا تفرّوا ولو متّم.