كثير أنه قال: التجسس، بالجيم: البحث عن عورات الناس، وبالحاء: الاستماع لحديث القوم. قال المفسرون: التجسس: البحث عن عيب المسلمين وعوراتهم فالمعنى: لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه ليطَّلع عليه إِذ ستره الله. وقيل لابن مسعود: هذا الوليد بن عقبة تقطر لحيته خمراً، فقال: إِنا نُهينا عن التجسس، فإن يَظهرْ لنا شيء نأخذْه به.
قوله تعالى: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أي: لا يتناول بعضُكم بعضاً بظهَر الغَيْب بما يَسوؤُه.
(1332) وقد روى أبو هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم سئل ما الغيبة؟ قال: «ذِكْرُكَ أخاك بما يََكره. قال:
أرأيتََ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إِن كان في أخيك ما تقول فقد اغتبته، وإِن لم يكن فقد بهتَّه» .
ثم ضَرَبَ اللهُ للغِيبة مثلاً، فقال: أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً وقرأ نافع «ميّتاً» بالتشديد. قال الزجاج: وبيانه أن ذِكرك بسوءٍ مَنْ لم يَحْضُر، بمنزلة أكل لحمه وهو ميت لا يُحِسُّ بذلك. قال القاضي أبو يعلى: وهذا تأكيد لتحريم الغيبة، لأن أكل لحم المسلم محظور، ولأن النُّفوس تَعافُه من طريق الطَّبع، فينبغي أن تكون الغِيبة بمنزلته في الكراهة.
قوله تعالى: فَكَرِهْتُمُوهُ وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري: «فكُرّهتموه» برفع الكاف وتشديد الراء. قال الفراء: أي وقد كرهتموه فلا تفعلوه، ومن قرأ «فكُرّهتموه» أي: فقد بُغِّض إِليكم، والمعنى واحد. قال الزجاج: والمعنى: كما تكرهون أكل لحمه ميتاً فكذلك تجنَّبوا ذِكْره بالسُّوء غائباً. قوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ أي في الغِيبة إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ على من تاب رَحِيمٌ به.
سورة الحجرات (49) : آية 13يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)
قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(1333) أحدها: نزلت في ثابت بن قيس وقولِه في الرجل الذي لم يفسح له: أنت ابن فلانة، وقد ذكرناه عن ابن عباس في قوله: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ.
(1334) والثاني: أنه لمّا كان يوم الفتح أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بلالا فصعد على ظهر الكعبة فأذّن،