السَّيِّئات على يساره، فكاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات، فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين عشراً، وإذا عمل سيئة، وأراد صاحب الشمال أن يكتبها، قال صاحب اليمين: أَمْسِكْ، فيُمْسِك عنه سَبْعَ ساعات، فإن استغفر منها لم يُكتَب عليه شيءٌ، وإن لم يستغفر كُتِب عليه سيِّئة واحدة» . وقال ابن عباس: جَعَل اللهُ على ابن آدم حافظين في الليل، وحافظين في النهار. واختلفوا هل يكتُبان جميع أفعاله وأقواله على قولين «1» : أحدهما: أنهما يكتُبان عليه كل شيء حتى أنينه في مرضه، قاله مجاهد.
والثاني: أنهما لا يكتبان إلاّ ما يؤجَر عليه أو يُوزَر، قاله عكرمة. فأمّا مجلسهما فقد نطق القرآن بأنهما عن اليمين وعن الشمال، وكذلك ذكرنا في حديث أبي أمامة.
(1340) وقد روى عليّ كرّم الله وجهه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «إن مقعد ملَكَيك على ثنيَّتيك، ولسانُك قلمهما، وريقك مدادهما، وأنت تجري فيما لا يعنيك» ، وروي عن الحسن والضحاك قالا:
مجلسهما تحت الشعر على الحنك.
قوله تعالى: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وهي غَمرتُه وشِدَّتُه التي تَغشى الإِنسان وتَغْلِب على عقله وتدُلُّه على أنه ميت بِالْحَقِّ وفيه وجهان: أحدهما: أن معناه: جاءت بحقيقة الموت. والثاني: بالحق من أمر الآخرة، فأبانت للانسان ما لم يكن بيَّنّا له من أمر الآخرة. ذكر الوجهين الفراء، وابن جرير.
وقرأ أبو بكر الصّدّيق رضي الله عنه: «وجاءت سَكْرةُ الحق بالموت» ، قال ابن جرير: ولهذه القراءة وجهان. أحدهما: أن يكون الحق هو الله تعالى، فيكون المعنى: وجاءت سَكْرة الله بالموت. والثاني:
أن تكون السَّكْرة هي الموت، أضيفت إلى نفسها، كقوله: إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ «2» ، فيكون المعنى:
وجاءت السَّكْرة الحَقُّ بالموت، بتقديم «الحَقّ» . وقرأ ابن مسعود، وأبو عمران: «وجاءت سكرات»