بمعنى وحَّدوا. والحُسنى: الجنَّة. والكبائر مذكورة في سورة النساء «1» . وقيل: كبائر الإثم. كُلُّ ذَنْب خُتم بالنّار، والفواحش كُلُّ ذَنْب فيه الحدّ. وقرأ حمزة والكسائي والمفضل وخلف: «يَجْتَنِبون كبِيرَ الإثم» واللَّمم في كلام العرب: المُقارَبة للشيء. وفي المراد به هاهنا ستة أقوال: أحدها: ما أَلمُّوا به من الإثم والفواحش في الجاهلية، فإنه يُغْفَر في الإسلام، قاله زيد بن ثابت. والثاني: أن يُلِمَّ بالذَّنْب مَرَّةً ثم يتوب ولا يعود، قاله ابن عباس والحسن والسدي. والثالث: أنه صِغار الذُّنوب، كالنَّظرة والقُبلة وما كان دون الزِّنا، قاله ابن مسعود وأبو هريرة والشعبي ومسروق.
(1363) ويؤيِّد هذا حديث أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إنَّ الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزِّنا، فزِنا العينين النَّظر، وزِنا اللسان النُّطق، والنفس تشتهي وتتمنَّى، ويصدِّق ذلك ويكذِّبه الفَرْج» ، فإن تقدَّم بفَرْجه كان الزِّنا، وإلا فهو اللَّمم.
والرابع: أنه ما يَهُمُّ به الإنسان، قاله محمّد ابن الحنفية. والخامس: أنه ألَّم بالقلب، أي: خَطَر، قاله سعيد بن المسيّب. والسادس: أنه النَّظر من غير تعمُّد، قاله الحسين بن الفضل. فعلى القولين الأولين يكون الاستثناء من الجنس، وعلى باقي الأقوال ليس من الجنس..
قوله تعالى: إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ قال ابن عباس: لِمَن فعل ذلك ثم تاب. وهاهنا تمَّ الكلام.
ثم قال: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ يعني قبل خَلْقكم إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ يعني آدم عليه السلام وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ جمع جَنِين والمعنى أنه عَلِم ما تفعلون وإلى ماذا تصيرون، فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ أي: لا تَشهدوا لها أنَّها زكيَّة بريئة من المعاصي. وقيل: لا تمدحوها بحُسن أعمالها. وفي سبب نزول هذه الآية قولان:
(1364) أحدهما: أن اليهود كانوا إذا هلك لهم صبيّ، قالوا: صِدِّيق، فنزلت هذه الآية، هذا قول عائشة رضي الله عنها.
والثاني: أن ناساً من المسلمين قالوا: قد صليَّنا وصُمنا وفعلنا، يُزَكُّون أنفُسَهم، فنزلت هذه الآية، قاله مقاتل «2» .
قوله تعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى فيه ثلاثة أقوال: أحدها: عمل حسنة وارعوى عن معصية، قاله عليّ رضي الله عنه. والثاني: أخلص العمل لله، قاله الحسن. الثالث: اتّقى الشّرك فآمن، قاله الثّعلبي.