واحد فلا نكون له تَبَعاً إِنَّا إِذاً إن فعلنا ذلك لَفِي ضَلالٍ أي: خطأٍ وذهاب عن الصواب وَسُعُرٍ قال ابن عباس: أي: جنون. قال ابن قتيبة: هو من تَسَعَّرتِ النّارُ: إذا التَهبتْ، يقال: ناقةٌ مَسْعُورةٌ، أي: كأنها مجنونة من النشاط. وقال غيره: لَفي شقاءٍ وعَناءٍ لأجل ما يلزمنا من طاعته.
ثم أنْكَروا أن يكون الوحي يأتيه فقالوا: أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ أي: أَنَزَل الوحيُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا أي:
كيف خُصَّ من بيننا بالنُّبوَّة والوحي؟! بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ وفيه قولان: أحدهما: أنه المَرِح المتكبِّر، قاله ابن قتيبة. والثاني: البَطِر، قاله الزجاج.
قوله تعالى: سَيَعْلَمُونَ غَداً قرأ ابن عامر وحمزة: «ستَعلمون» بالتاء «غداً» فيه قولان:
أحدهما: يوم القيامة، قاله ابن السائب. والثاني: عند نزول العذاب بهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ وذلك أنهم سألوا صالحاً أن يُظْهِر لهم ناقةً من صخرة، فقال الله تعالى: إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ أي: مُخرجوها كما أرادوا فِتْنَةً لَهُمْ أي: مِحنةً واختباراً فَارْتَقِبْهُمْ أي فانتظر ما هم صانعون وَاصْطَبِرْ على ما يُصيبُك من الأذى، وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ أي: بين ثمود وبين الناقة، يوم لها ويوم لهم، فذلك قوله: كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ يحضُرُهُ صاحبُه ويستحقُّه. قوله تعالى:
فَنادَوْا صاحِبَهُمْ واسمه قُدار بن سالف فَتَعاطى قال ابن قتيبة: تعاطى عَقْر الناقة فَعَقَرَ أي: قتل وقد بيَّنا هذا في الأعراف «1» .
قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم وقد أشرنا إلى قصتهم في هود «2» فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ قال ابن عباس: هو الرجُل يجعل لغنمه حظيرة بالشَّجر والشوك دون السِّباع، فما سقط من ذلك وداسته الغنمُ، فهو الهَشيم. وقد بيَّنا معنى «الهشيم» في الكهف «3» . وقال الزجَّاج: الهَشيم: ما يَبِس من الورق وتكسَّر وتحطَّم، والمعنى: كانوا كالهَشِيم الذي يجمعه صاحبُ الحظيرة بعد أن بلغ الغاية في الجفاف، هو يُجمع لِيوقد. وقرأ الحسن: «المُحتظَرِ» بفتح الظاء، وهو اسم الحظيرة والمعنى: كهشيم المكان الذي يُحتظَر فيه الهشيم من الحطب. وقال سعيد بن جبير: هو التراب الذي يتناثر من الحيطان. وقال قتادة: كالعظام النَّخِرة المحترقة. والمراد من جميع ذلك: أنهم بادوا وهلكوا حتى صاروا كالشيء المتحطّم.
سورة القمر (54) : الآيات 33 الى 40كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَلَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (37)
وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذابِي وَنُذُرِ (39) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40)
قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً قال المفسرون: هي الحجارة التي قُذِفوا بها إِلَّا آلَ لُوطٍ يعني لوط وابنتيه نَجَّيْناهُمْ من ذلك العذاب بِسَحَرٍ قال الفراء: «سَحَرٍ» هاهنا يجري لأنه نكرة، كقوله: نجَّيناهم بِلَيْلٍ، فإذا ألقت العرب منه الباء لم يَجر، لأن لفظهم به بالألف واللام، يقولون: ما