سورة الحديدوفيها قولان: أحدهما: أنها مدنيّة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال الحسن، ومجاهد، وعكرمة، وجابر بن زيد، وقتادة، ومقاتل. والثاني: أنها مكّيّة، قاله ابن السّائب.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة الحديد (57) : الآيات 1 الى 7بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (6) آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ (7)
قوله عزّ وجلّ: سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أمّا تسبيح ما يعقل، فمعلوم، وتسبيح ما لا يعقل، قد ذكرنا معناه في قوله عزّ وجلّ: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ «1» . قوله عزّ وجلّ: هُوَ الْأَوَّلُ قال أبو سليمان الخطّابي: الأول هو السابق للأشياء وَالْآخِرُ الباقي بعد فناء الخلق وَالظَّاهِرُ بحجّته الباهرة، وبراهينه النَّيِّرة، وشواهده الدَّالة على صِحَّة وحدانيته. ويكون: الظاهر فوق كل شيء بقدرته.
وقد يكون الظهور بمعنى العلوِّ، ويكون بمعنى الغلبة. والباطن: هو المحتجب عن أبصار الخلق الذي لا يستولي عليه توهُّم الكيفية، وقد يكون معنى الظهور والبطون: احتجابه عن أبصار الناظرين، وتجلِّيه لبصائر المتفكِّرين. ويكون معناه: العالم بما ظهر من الأمور والمطَّلع على ما بطن من الغيوب. قوله:
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مفسّر في الأعراف «2» إلى قوله عزّ وجلّ: يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وهو مفسر في سبأ «3» إلى قوله عزّ وجلّ: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ أي: بعلمه وقدرته. وما بعده ظاهر إلى قوله عزّ وجلّ: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قال المفسرون: هذا الخطاب لكفار قريش وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ يعني: المال الذي كان بأيدي غيرهم، فأهلكهم الله، وأعطى قريشاً ذلك المال، فكانوا فيه خلفاء من مضى.