لأنه وإِن قرب من مخرج السين فله حيّز على حدة، ومن موضع الدال الطاء والتاء، فهذه الأحرف الثلاثة موضعها واحد، والسين والزاي والصاد من موضع واحد، وهي تسمى حروف الصفير. وفي اسم هذه المجادلة ونسبتها أربعة أقوال: أحدها: خولة بنت ثعلبة، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال عكرمة وقتادة والقرظي. والثاني: خولة بنت خويلد، رواه عكرمة عن ابن عباس. والثالث: خولة بنت الصامت، رواه العوفي عن ابن عباس. والرابع: خولة بنت الدليج، قاله أبو العالية، واسم زوجها:
أوس بن الصامت، وكانا من الأنصار.
(1398) قال ابن عباس: كان الرجل إِذا قال لامرأته في الجاهلية: أنتِ عليَّ كظهر أمي، حرُمَتْ عليه، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوس، ثم ندم، وقال لامرأته: انطلقي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فسليه، فأتته، فنزلت هذه الآيات. فأما مجادلتها رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فإنه كان كلمَّا قال لها: قد حرمتِ عليه، تقول:
والله ما ذكر طلاقاً، فقال: ما أُوحي إليَّ في هذا شيء، فجعلت تشتكي إلى الله. وتشتكي بمعنى تشكو.
يقال: اشتكيت ما بي وشكوته، بمعنى شكوى شاك أي أشكيته. وقالت: إن لي صبية صغاراً، إِن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إليَّ جاعوا. فأما التحاور، فهو مراجعة الكلام. قال عنترة في فرسه:
لو كان يدْري ما المُحاورَةُ اشْتكى
... ولكان لو علم الكلام مكلّمي
سورة المجادلة (58) : الآيات 2 الى 4الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (4)
قوله عزّ وجلّ: الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو «يظَّهَّرون» بفتح الياء وتشديد الظاء والهاء وفتحهما من غير ألف. وقرأ أبو جعفر وابن عامر وحمزة والكسائي: بفتح الياء وتشديد الظاء وبألف وتخفيف الهاء. وقرأ عاصم «يُظاهِرون» بضم الياء وتخفيف الظاء والهاء وكسر الهاء في الموضعين مع إِثبات الألف. وقرأ ابن مسعود «يتظاهرون» بياءٍ وتاءٍ وألف. وقرأ أبي بن كعب «يتظَهَّرون» بياءٍ وتاء وتخفيف الظاء وتشديد الهاء من غير ألف. وقرأ الحسن وقتادة والضحاك «يظهرون» بفتح الياء وفتح الظاء مخففة، مكسورة الهاء مشددة. والمعنى: تقولون لهن: أنتن كظهور أمهاتنا ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ قرأ الأكثرون بكسر التاء. وروى المفضل عن عاصم رفعها. والمعنى ما اللواتي تجعلن كالأمهات بأمهات لهم إِنْ أُمَّهاتُهُمْ أي ما أمهاتهم إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ قال الفراء: وانتصاب «الأمهات» هاهنا بإلقاء الباء، وهي قراءة عبد الله «ما هنّ بأمهاتهم» ، ومثله: ما هذا بَشَراً «1» ، المعنى: