فصل:قال القاضي أبو يعلى: وهذه الأحكام في أداء المهر، وأخذه من الكفار، وتعويض الزّوج من الغنيمة، أو من صداق قد وجب ردُّه على أهل الحرب، منسوخة عند جماعة من أهل العلم. وقد نصّ الإمام أحمد رضي الله عنه على هذا. قلت: وكذا قال مقاتل: كل هؤلاء الآيات نسختها آية السيف.
سورة الممتحنة (60) : آية 12يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12)
قوله عزّ وجلّ: إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ.
(1436) قال المفسرون: لما فتح رسول الله صلّى الله عليه وسلم مكة جاءته النساء يبايعنه، فنزلت هذه الآية، وشرط في مبايعتهنّ هذه الشرائط المذكورة في الآية، فبايَعهن وهو على الصفا، فلما قال: ولا يزنين، قالت هند: أو تزني الحرة؟ فقال: ولا يقتلن أولادهن، فقالت: ربَّيناهم صغاراً فقتلتموهم كباراً، فأنتم وهم أعلم.
(1437) وقد صحّ في الحديث أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يصافح في البيعة امرأة، وإنما بايعهن بالكلام.
وقد سمَّينا من أحصينا من المبايِعات في كتاب «التلقيح» على حروف المعجم، وهن أربعمائة وسبع وخمسين امرأة، والله الموفّق.
قوله عزّ وجلّ: وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ قال المفسرون: هو الوأد الذي كانت الجاهلية تفعله.
قوله عزّ وجلّ: وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم، قاله ابن عباس، والجمهور، وذلك أن المرأة كانت تلتقط المولود، فتقول لزوجها: هذا ولدي منك، وذلك البهتان المفترى. وإِنما قال: بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ لأنّ الولد إذا وضعته الأمّ يسقط بين يديها ورجليها. وقيل: معنى يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ: ما أخذته لقيطا وَأَرْجُلِهِنَّ ما ولدنه من زنا. والثاني: أنه السحر. والثالث: المشي بالنميمة، والسعي في الفساد، ذكرهما الماورديّ.
قوله عزّ وجلّ: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فيه ثلاثة أقوال:
(1438) أحدها: أنه النَّوح، قاله ابن عباس: وروي مرفوعا عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم.