(1459) فذكر أكثر المفسرين أنها نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، أسر العدوُّ ابناً له، فذكر ذلك للنبيّ صلّى الله عليه وسلم، وشكا إليه الفاقة، فقال: اتق الله واصبر، وأكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، ففعل الرجل ذلك، فغفل العدوُّ عن ابنه، فساق غنمهم، وجاء بها إلى المدينة، وهي أربعة آلاف شاة، فنزلت هذه الآية.
وفي معناها للمفسرين خمسة أقوال: أحدها: ومن يتق الله يُنجِه من كل كرب في الدنيا والآخرة، قاله ابن عباس. والثاني: أنّ مَخْرَجَه: علمُه بأن ما أصابه من عطَاءٍ أو مَنْع، من قِبَل الله، وهو معنى قول ابن مسعود. والثالث: ومن يتق الله، فيطلق للسُّنَّةِ، ويراجع للسُّنَّةِ، يَجْعَلْ له مخرجاً، قاله السدي.
والرابع: ومن يتَّق الله بالصبر عند المصيبة، يجعل له مخرجاً من النار إلى الجنة، قاله ابن السائب.
والخامس: يجعل له مخرجاً من الحرام إلى الحلال، قاله الزجاج. والصحيح أن هذا عام، فإن الله تعالى يجعل للتقي مخرجاً من كل ما يضيق عليه. ومن لا يتقي، يقع في كل شدة. قال الربيع بن خُثَيْم:
يجعل له مخرجاً من كل ما يضيق على الناس وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ أي: من حيث لا يأمل، ولا يرجو. قال الزجاج: ويجوز أن يكون: إذا اتقى الله في طلاقه، وجرى في ذلك على السُّنَّة، رزقه الله أهلا بدل أهله. قوله: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ أي: مَنْ وَثِقَ به فيما نابه، كفاه الله ما أهمّه إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ وروى حفص، والمفضل عن عاصم «بالغُ أمرِه» مضاف. والمعنى: يقضي ما يريد، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً أي: أجلاً ومنتهىً ينتهي إليه، قدَّر الله ذلك كلَّه، فلا يقدَّم ولا يؤخر.
قال مقاتل: قد جعل الله لكل شيء من الشدة والرخاء قدراً، فقدَّر متى يكون هذا الغني فقيراً، وهذا الفقير غنيا.
سورة الطلاق (65) : الآيات 4 الى 5وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (4) ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (5)
قوله عزّ وجلّ: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ في سبب نزولها قولان: أحدهما: أنها لمّا نزلت عدّة