هي ضدّ الموت «1» قوله: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا قد شرحناه في هود «2» ، قال الزجاج: والمعلَّق ب أَيُّكُمْ مضمر تقديره: ليبلوكم، فيعلم أيُّكم أحسن عملاً وهذا علم وقوع. وارتفعت «أي» بالابتداء، ولا يعمل فيها ما قبلها، لأنها على أصل الاستفهام، ومثله أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى «3» . والمعنى:
خلق الحياة ليختبركم فيها. وخلق الموت ليبعثَكم ويجازيَكم. وقال غيره: اللام في «ليبلوَكم» متعلق بخلق الحياة دون خلق الموت، لأن الابتلاء بالحياة. قوله: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً أي: خلقهنَّ مطابقات، أي: بعضها فوق بعض ما تَرى يا ابن آدم فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ قرأ حمزة والكسائي: «من تفوُّت» بتشديد الواو من غير ألف. وقرأ الباقون بألف. قال الفراء: وهما بمنزلة واحدة، كما تقول: تعاهدت الشيء وتعهَّدته والتفاوت: الاختلاف. وقال ابن قتيبة: التفاوت:
الاضطراب والاختلاف وأصله من الفوت وهو أن يفوت شيء شيئاً، فيقع الخلل، ولكنه متصل بعضه ببعض.
قوله عزّ وجلّ: فَارْجِعِ الْبَصَرَ كرِّر البصر هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ وقرأ أبو عمرو، وحمزة والكسائي «هل ترى» بإدغام اللام في التاء، أي: هل ترى فيها فروجا وصدوعا.
قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ أي: مرَّةً بعد مرَّة يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً قال ابن قتيبة:
أي: مبعداً، من قولك: خسأتُ الكلب: إذا باعدتَه وَهُوَ حَسِيرٌ أي: كليل منقطع عن أن يلحق ما نظر إليه. وقال الزجاج: قد أعيا من قبل أن يرى في السماء خللا.
قوله عزّ وجلّ: وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ قد شرحناه في حم السّجدة «4» . قوله: وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ أي: يرجم بها مسترقو السّمع. وقد سبق بيان هذا المعنى «5» وَأَعْتَدْنا لَهُمْ: في الآخرة عَذابَ السَّعِيرِ وهذا وما بعده قد سبق بيانه إلى قوله: سَمِعُوا لَها شَهِيقاً أي: صوتاً مثل صوت الحمار. وقد بينا معنى الشهيق في هود «6» وَهِيَ تَفُورُ أي: تغلي بهم كغلي المِرْجَل تَكادُ تَمَيَّزُ أي: تتقطَّع من تَغَيُّظها عليهم كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ أي: جماعة منهم سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ وهذا سؤال توبيخ.
قوله عزّ وجلّ: إِنْ أَنْتُمْ أي: قلنا للرسل: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ أي: في ذهاب عن الحق بعيد. قال الزجاج: ثم اعترفوا بجهلهم فقالوا: لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أي: سماع من يعي ويفكّر أَوْ نَعْقِلُ