سورة الحاقّة
وهي مكّيّة كلّها بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة الحاقة (69) : الآيات 1 الى 12
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ (2) وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ (3) كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ (4)
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ (5) وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ (6) سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ (8) وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ (9)
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً (10) إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ (11) لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ (12)
الْحَاقَّةُ: القيامة. قال الفراء: إنما قيل لها: حاقة، لأن فيها حواق الأمور. وقال الزجاج: إنما سميت الحاقة، لأنها تحق كل إنسان بعمله من خير وشرّ.
قوله عزّ وجلّ: مَا الْحَاقَّةُ هذا استفهام، معناه التفخيم لشأنها، كما تقول: زيد، ما زيد؟ على التعظيم لشأنه. ثم زاد في التهويل بأمرها، فقال عزّ وجلّ: وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ أي: لأنك لم تعاينها، ولم تدر ما فيها من الأهوال. ثم أخبر عن المكذّبين بها، فقال عزّ وجلّ: كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ قال ابن عباس: القارعة: اسم من أسماء يوم القيامة. قال مقاتل: وإنما سميت بالقارعة، لأن الله تعالى يقرع أعداءه بالعذاب. وقال ابن قتيبة: القارعة: القيامة لأنها تقرع، يقال: أصابتهم قوارع الدهر. وقال الزجاج: لأنها تقرع بالأهوال. وقال غيرهم: لأنها تقرع القلوب بالفزع.
فأما بِالطَّاغِيَةِ ففيها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها طغيانهم وكفرهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، وأبو عبيدة وابن قتيبة. قال الزجاج: ومعنى الطاغية عند أهل اللغة: طغيانهم. و «فاعلة» قد يأتي بمعنى المصادر، نحو عاقبة، وعافية. والثاني: بالصيحة الطاغية، قاله قتادة. وذلك أنها جاوزت مقدار الصياح، فأهلكتهم. والثالث: أن الطاغية: عاقر الناقة، قاله ابن زيد. والريح الصرصر قد فسرناها في حم السجدة «1» . والعاتية: التي جاوزت المقدار. وجاء في التفسير أنها عَتَتْ على خُزَّانها يومئذ، فلم يكن لهم عليها سبيل.