الْأَمْرُ
«1» ، وإنما جاز مثل هذا، لزوال اللبس فيه، كما بينا في قوله تعالى: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ «2» .
وروي عن ابن مسعود، وابن عباس: أنهم قالوا لنبيهم: إن كنت صادقاً فأتنا بآية تدل على أنه ملك، فقال لهم ذلك. وقال وهب: خيّرهم، أي آية يريدون؟ فقالوا: أن يردَّ علينا التابوت. قال ابن عباس:
كان التابوت من عود الشمشار عليه صفائح الذهب، وكان يكون مع الأنبياء إذا حضروا قتالاً، قدموه بين أيديهم يستنصرون به، وفيه السكينة. وقال وهب بن منبه: كان نحواً من ثلاث أذرع في ذراعين. قال مقاتل: فلما تفرقت بنو إسرائيل، وعصوا الأنبياء، سلط الله عليهم عدوهم، فغلبوهم عليه.
وفي السكينة سبعة أقوال «3» : أحدها: أنها ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان، رواه أبو الأحوص عن عليّ رضي الله عنه. والثاني: أنها دابة بمقدار الهرّ، لها عينان لهما شعاع، وكانوا إذا التقى الجمعان، أخرجت يدها، ونظرت إليهم، فيهزم الجيش من الرعب. رواه الضحاك عن ابن عباس.
وقال مجاهد: السكينة لها رأس كرأس الهرّة وذنب كذنب الهرّة، وجناحان. والثالث: أنها طست من ذهب تغسل فيه قلوب الأنبياء، رواه أبو مالك عن ابن عباس. والرابع: أنها روح من الله تعالى تتكلّم، كانوا إذا اختلفوا في شيء، كلّمهم وأخبرهم ببيان ما يريدون، رواه عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه. والخامس: أن السكينة ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها، رواه ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح، وذهب إلى نحوه الزجاج، فقال: السكينة: من السكون، فمعناه: فيه ما تسكنون إليه إذا أتاكم.
والسادس: أن السّكينة معناها هاهنا: الوقار، رواه معمر عن قتادة. والسابع: أن السكينة: الرحمة، قاله الربيع بن أنس.
وفي البقية تسعة أقوال: أحدها: أنها رضاض «4» الألواح التي تكسرت حين ألقاها موسى وعصاه، قاله ابن عباس، وقتادة، والسدي. والثاني: أنها رضاض الألواح، قاله عكرمة، ولم يذكر العصا.
وقيل: إنما اتخذ موسى التابوت ليجمع رضاض الألواح فيه. والثالث: أنها عصا موسى، والسكينة، قاله وهب. والرابع: عصا موسى، وعصا هارون، وثيابهما، ولوحان من التوراة، والمنُّ، قاله أبو