قوله عزّ وجلّ: وَتُحِبُّونَ الْمالَ أي: تحبون جمعه حُبًّا جَمًّا أي: كثيراً فلا تنفقونه في خير كَلَّا أي: ما هكذا ينبغي أن يكون الأمر. ثم أخبر عن تلهفهم على ما سلف منهم حين لا ينفعهم، فقال عزّ من قائل: إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا أي: مرَّة بعد مرّة، فتكسّر كلّ شيء عليها. قوله: وَجاءَ رَبُّكَ قد ذكرنا هذا المعنى في قوله عزّ وجلّ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ «1» .
قوله عزّ وجلّ: وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا أي: تأتي ملائكة كل سماء صفا على حدة، قال الضحاك:
يكونون سبعة صفوف، وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ.
(1533) روى مسلم في أفراده من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «يؤتى بجهنم يومئذٍ لها سبعون ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرَّونها» . قال مقاتل: يجاء بها فتقام عن يسار العرش.
قوله عزّ وجلّ: يَوْمَئِذٍ أي: يوم يجاء بجهنم يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ أي: يتّعظ الكافر ويتوب. وقال مقاتل: هو أمية بن خلف وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى أي: كيف له بالتوبة وهي في القيامة لا تنفع يَقُولُ يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ العمل الصالح في الدنيا لِحَياتِي في الآخرة التي لا موت فيها فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ قرأ الكسائي، ويعقوب، والمفضل «لا يعذّب» و «لا يوثق» بفتح الذال والثاء، والباقون بكسرها، فمن فتح، أراد: لا يعذب عذاب الكافر أحد، ومن كسر أراد: لا يعذَّب عذاب الله أحد، أي كعذابه، وهذه القراءة تختص بالدنيا، والأولى تختص بالآخرة.
قوله عزّ وجلّ: يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ اختلفوا فيمن نزلت على خمسة أقوال «2» :
أحدها: في حمزة بن عبد المطلب لما استشهد يوم أُحد، قاله أبو هريرة، وبريدة الأسلمي.
والثاني: في عثمان بن عفان حين أوقف بئر رومة، قاله الضحاك. والثالث: في خبيب بن عدي لما صلبه أهل مكة، قاله مقاتل. والرابع: في أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه، حكاه الماوردي. والخامس:
في جميع المؤمنين، قاله عكرمة. وفي معنى الْمُطْمَئِنَّةُ ثلاثة أقوال: أحدها: المؤمنة، قاله ابن عباس. وقال الزجاج: المطمئنة بالإيمان. والثاني: الراضية بقضاء الله، قاله مجاهد. والثالث: الموقنة بما وعد الله، قاله قتادة.
واختلفوا في أي حين يقال لها ذلك على قولين: أحدهما: عند خروجها من الدنيا، قاله الأكثرون. والثاني: عند البعث يقال لها: ارجعي إلى صاحبك، وإلى جسدك، فيأمر الله الأرواح أن تعود إلى الأجساد، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال عطاء، وعكرمة والضّحّاك.
وفي قوله عزّ وجلّ: ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً أربعة أقوال: أحدها: ارجعي إلى صاحبك الذي كنتِ في جسده، وهذا المعنى في رواية العوفي عن ابن عباس، وبه قال عكرمة والضّحّاك. والثاني: