والحسن: هو الشفاعة في أمته حتى يرضى.
(1540) قال ابن عباس: عُرِض على رسول الله صلّى الله عليه وسلم ما يُفْتَح على أُمته من بعده كَفْرَاً كفرا، فسرّ بذلك، فأنزل الله عزّ وجلّ: وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى.
قوله عزّ وجلّ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فيه قولان: أحدهما: جعل لك مأوى إذ ضَمَّك إلى عمك أبي طالب، فكفاك المؤونة، قاله مقاتل. والثاني: جعل لك مأوى لنفسك أغناك به عن كفالة أبي طالب، قاله ابن السائب.
قوله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى فيه ستة أقوال: أحدها: ضالاً عن معالم النبوة، وأحكام الشريعة، فهداك إليها، قاله الجمهور منهم الحسن، والضحاك. والثاني: أنه ضَلَّ وهو صبي صغير في شعاب مكة، فردَّه الله إلى جده عبد المطلب، رواه أبو الضحى عن ابن عباس. والثالث: أنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته، فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل، فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة، ورده إلى القافلة، فمنَّ الله عليه بذلك قاله سعيد بن المسيب. والرابع: أن المعنى: ووجدك في قوم ضُلاَّل، فهداك للتوحيد والنبوة، قاله ابن السائب. والخامس: ووجدك نِسْيَاً، فهداك إلى الذِّكْر. ومثله: أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى «1» قاله ثعلب. والسادس:
ووجدك خاملاً لا تُذْكَر ولا تُعْرَف، فهدى الناس إليك حتى عرفوك، قاله عبد العزيز بن يحيى، ومحمد بن عليّ التّرمذيّ.
قوله عزّ وجلّ: وَوَجَدَكَ عائِلًا قال أبو عبيدة: أي: ذا فقر. وأنشد:
وَمَا يَدري الفقيرُ مَتى غِناه
... وما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتى يَعِيلُ «2»
أي: يفتقر. قال ابن قتيبة: العائل: الفقير، كان له عيال، أو لم يكن يقال: عال الرجل: إذا افتقر. وأعال: إذا كثر عياله.
وفي قوله: فَأَغْنى قولان: أحدهما: أرضاك بما أعطاك من الرزق، قاله ابن السائب، واختاره الفرّاء فقال: لم يكن غناه عن كثرة المال، ولكن الله رضَّاه بما آتاه. والثاني: فأغناك بمال خديجة عن أبي طالب، قاله جماعة من المفسّرين.
قوله عزّ وجلّ: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ فيه قولان: أحدهما: لا تحقر، قاله مجاهد. والثاني: لا تقهره على ماله، قاله الزّجّاج.