سورة القدروفيها قولان: أحدهما: أنها مكّيّة، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنها مدنيّة، قاله الضّحّاك، ومقاتل. قال الماورديّ: الأول قول الأكثرين. وقال الثّعلبي: الثاني قول الأكثرين.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة القدر (97) : الآيات 1 الى 5بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ يعني: القرآن فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وذلك أنه أنزل جملةً في تلك الليلة إلى بيت العِزَّة، وهو بيت في السماء الدنيا. وقد ذكرنا هذا الحديث في أول كتابنا. والهاء في «إنا أنزلناه» كناية عن غير مذكور. وقال الزجاج: قد جرى ذكره في قوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ.
فأما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ففي تسميتها بذلك خمسة أقوال: أحدها: أن القَدْرَ: العظمةُ، من قولك:
لفلان قَدْر، قاله الزهري. ويشهد له قوله عزّ وجلّ: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ «1» . والثاني: أنه من الضيق، أي: هي ليلة تضيق فيها الأرض عن الملائكة الذين ينزلون، قاله الخليل بن أحمد، ويشهد له قوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ «2» . والثالث: أنّ القدر: الحكم كأن الأشياء يقدّر فيها، قاله ابن قتيبة.
والرابع: لأن من لم يكن له قَدْر صار بمراعاتها ذَا قَدْر، قاله أبو بكر الورَّاق. والخامس: لأنه نزل فيها كتاب ذُو قَدر، وتنزل فيها رحمة ذات قَدْر، وملائكةٌ ذوُو قَدْر، حكاه شيخنا عليّ بن عبيد الله.
فصل«3» : اختلف العلماء هل ليلة القدر باقية، أم كانت في زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلم خاصّة؟ والصحيح بقاؤها.