على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب رسول الله صلّى الله عليه وسلم لذلك، وتمنَّى أن يكون ذلك في أمته، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: هي خير من ألف شهر التي حمل فيها الاسرائيلي السلاح في سبيل الله عزّ وجلّ.
وذكر بعض المفسرين أنه كان الرجل فيما مضى لا يستحق أن يقال له: عابد حتى يعبد الله ألف شهر كانوا يعبدون فيها.
قوله عزّ وجلّ: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ «1» قال أبو هريرة: الملائكة ليلة القدر في الأرض أكثر من عدد الحصا.
وفي «الروح» ثلاثة أقوال: أحدها: أنه جبريل، قاله الأكثرون.
(1559) وفي حديث أنس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلُّون ويسلِّمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله عزّ وجلّ.
والثاني: أن الروح: طائفة من الملائكة لا تراهم الملائكة إلا تلك الليلة ينزلون من لدن غروب الشمس إلى طلوع الفجر، قاله كعب، ومقاتل بن حيان.
والثالث: أنه ملَك عظيم يفي بخلق من الملائكة، قاله الواقدي.
قوله عزّ وجلّ: فِيها أي: في ليلة القدر بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أي: بما أمر به وقضاه مِنْ كُلِّ أَمْرٍ قال ابن قتيبة: أي: بكل أمر. قال المفسرون: يتنزَّلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة إلى قابل. وقرأ ابن عمر، وابن عباس وأبو العالية، وأبو عمرو الجونيّ «من كل امرئ» بكسر الراء وبعدها همزة مكسورة منوَّنة، وبوصل اللام من غير همز.
ولهذه القراءة وجهان: أحدهما: من كل مَلَك سلام. والثاني: أن تكون «من» بمعنى «على» تقديره: على كل أمر من المسلمين سلام من الملائكة، كقوله عزّ وجلّ: وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا والقراءة الموافقة لخط المصحف هي الصواب. ويكون تمام الكلام عند قوله عزّ وجلّ «من كل أمر» ثم ابتدأ فقال عزّ وجلّ: سَلامٌ هِيَ أي: ليلة القدر سلام.
وفي معنى السلام قولان: أحدهما: أنه لا يحدث فيها داءٌ ولا يُرسَل فيها شيطان، قاله مجاهد.
والثاني: أن معنى السلام: الخير والبركة، قاله قتادة. وكان بعض العلماء يقول: الوقف على «سلام» على معنى تنزَّل الملائكة بالسلام.