قوله عزّ وجلّ: كَلَّا قال الزّجّاج، هي ردع وتنبيه. والمعنى: ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التّكاثر.
قوله عزّ وجلّ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ هذا وعيد والمعنى سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت. وقيل: العلم الأول: يقع عند نزول الموت. والثاني: عند نزول القبر.
قوله عزّ وجلّ: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ المعنى: لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لَشَغَلَكم ما تعلمون عن التكاثر، والتفاخر. وجواب «لو» محذوف وهو ما ذكرنا. ثم أوعدهم وعيداً آخر فقال عزّ وجلّ. لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة «لتَرون» «ثم لتَرونها» بفتح التاء. فيها وقرأ ابن عامر والكسائيّ (لترون الجحيم) بضمّ التاء (ثم لتَرونها) بفتح التاء، وقرأ مجاهد، وعكرمة، وحميد، وابن أبي عبلة «لترون» ثم «لتُرونها» بضم التاء فيهما من غير همز، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ أي: مشاهدة، فكان المراد ب «عين اليقين» نفسه، لأن عين الشيء: ذاته.
قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ اختلفوا، هل هذا السؤال عام، أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنه خاص للكفار، قاله الحسن. والثاني: عام، قاله قتادة. وللمفسرين في المراد بالنعيم عشرة أقوال:
(1568) أحدها: أنه الأمن والصحة، رواه ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وتارة يأتي موقوفاً عليه، وبه قال مجاهد والشعبي.
(1569) والثاني: أنه الماء البارد، رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه خبز البُرّ والماءُ العَذْبُ، قاله أبو أُمامة. والرابع: أنه ملاذ المأكول والمشروب، قاله جابر بن عبد الله. والخامس: أنه صحة الأبدان، والأسماع، والأبصار، قاله ابن عباس. وقال قتادة:
هو العافية. والسادس: أنه الغداء، والعشاء، قاله الحسن. والسابع: الصحة والفراغ، قاله عكرمة.
والثامن: كل شيء من لذة الدنيا، قاله مجاهد. والتاسع: أنه إنعام الله على الخلق بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلم، قاله القرظي. والعاشر: أنه صنوف النعم، قاله مقاتل.
والصحيح أنه عام في كل نعيم، وعام في جميع الخلق، فالكافر يسأل توبيخاً إذا لم يشكر المنعم، ولم يوحِّده. والمؤمن يسأل عن شكرها.
(1570) وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: «ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهن وأسأله عما سوى ذلك، بيت يُكنُّه، وما يقيم به صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللباس» .