سورة المسدوهي مكّيّة بإجماعهم بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سورة المسد (111) : الآيات 1 الى 5بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (2) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)
فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
(1579) وسبب نزولها ما رواه البخاري ومسلم في «الصحيحين» من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما نزلت وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ «1» صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلم على الصفا فقال: «يا صباحاه» . فاجتمعت إليه قريش، فقالوا: ما لك؟ فقال: أرأيتُكم إن أخبرتُكم أن العدوَّ مصبِّحكم، أو ممسِّيكم، أما كنتم تصدقوني؟» قالوا: بلى. قال: «فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد» . قال أبو لهب: تَباً لك، ألهذا دعوتنا جمعا؟ فأنزل الله تعالى: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ومعنى: تبت خسرت يدا أبي لهب وَتَبَّ أي: وخسر هو. قال الفراء: الأول: دعاء، والثاني: خبر، كما يقول الرجل:
أهلكك الله وقد أهلكك، وجعلك الله صالحاً وقد جعلك. وقيل: ذكر يديه، والمراد نفسه، ولكن هذا عادة العرب يعبِّرون ببعض الشيء عن جميعه، كقوله عزّ وجلّ: ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ «2» . وقال مجاهد: «تبت يدا أبي لهب وتب» ولد أبي لهب. فأما أبو لهب فهو عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وقيل: إن اسمه عبد العزى. وقرأ ابن كثير وحدُه «أبي لَهْبٍ» بإسكان الهاء. قال أبو عليّ: يشبه أن يكون كالسّمع والسّمع، والنَّهْرِ والنَّهَرِ.
فإن قيل: كيف كناه الله عزّ وجلّ، وفي الكنية نوع تعظيم؟ فعنه جوابان: أحدهما: أنه إن صح أن اسمه عبد العُزَّى، فكيف يذكره الله بهذا الاسم وفيه معنى الشرك؟! والثاني: أن كثيراً من الناس اشتهروا بكناهم، ولم يعرف لهم أسماء. قال ابن قتيبة: خبِّرني غير واحد عن الأصمعي أن أبا عمرو بن العلاء، وأبا سفيان بن العلاء اسماهما كناهما، فإن كان اسم أبي لهب كنيته، فإنما ذكره بما لا يعرف إلّا به.
قوله عزّ وجلّ: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ، قال ابن مسعود: