قوله تعالى: لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ قال قتادة: يعني: محمداً والإسلام وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ أن بعث محمد في كتابكم، ثم تكفرون به.
سورة آل عمران (3) : آية 71يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)
قوله تعالى: لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ قال اليزيدي: معناه: لم تخلطون الحق بالباطل؟ قال ابن فارس: واللبس: اختلاط الأمر، وفي الأمر لبسة، أي: ليس بواضح. وفي الحق والباطل أربعة أقوال:
أحدها: أن الحق: إقرارهم ببعض أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والباطل: كتمانهم بعض أمره. والثاني: الحق:
إيمانهم بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم غدوة، والباطل: كفرهم به عشية، رويا عن ابن عباس. والثالث: الحق: التوراة، والباطل: ما كتبوه فيها بأيديهم، قاله الحسن، وابن زيد. والرابع: الحق: الإسلام. والباطل: اليهودية والنصرانية، قاله قتادة.
قوله تعالى: وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ قال قتادة: كتموا الإسلام، وكتموا محمّدا صلّى الله عليه وسلّم.
سورة آل عمران (3) : آية 72وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (72)
قوله تعالى: وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ في سبب نزولها قولان: أحدهما: أن طائفة من اليهود قالوا: إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار، فآمنوا، وإذا كان آخره، فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون: هؤلاء أهل الكتاب، وهم أعلم منا، فينقلبون عن دينهم، رواه عطية عن ابن عباس «1» . وقال الحسن والسدي: تواطأ اثنا عشر حبراً من اليهود، فقال بعضهم لبعض: ادخلوا في دين محمد باللسان أول النهار، واكفروا آخره، وقولوا: إنا نظرنا في كتبنا، وشاورنا علماءنا، فوجدنا محمداً ليس بذلك، فيشك أصحابه في دينهم، ويقولون: هم أهل الكتاب، وهم أعلم منا، فيرجعون إلى دينكم، فنزلت هذه الآية «2» . وإلى هذا المعنى ذهب الجمهور. والثاني: أن الله تعالى صرف نبيه إلى الكعبة عند صلاة الظهر، فقال قوم من علماء اليهود: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ يقولون: آمنوا بالقبلة التي صلوا إليها الصبح، واكفروا بالتي صلوا إليها آخر النهار، لعلهم يرجعون إلى قبلتكم، رواه أبو صالح عن ابن عباس «3» . قال مجاهد وقتادة، والزجاج في آخرين: وجه النهار: أوله. وأنشد الزجاج «4» :
من كان مسروراً بمقتل مالك
... فليأت نسوتنا بوجه نهار