و «الهاء» و «الميم» في قوله تعالى: أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ تعود إلى الذين لم يلحقوا بهم. قال الفراء:
معناه: يستبشرون لهم بأنهم لا خوف عليهم، ولا حزن. وفي ماذا يرتفع «الخوف» و «الحزن» عنهم؟
فيه قولان:
أحدهما: لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم، ولا يحزنون على ما خلفوا من أموالهم.
والثاني: لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه، ولا يحزنون على مفارقة الدنيا فرحاً بالآخرة.
سورة آل عمران (3) : آية 171يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
قوله تعالى: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ قال مقاتل: برحمة ورزق.
قوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ قرأ الجمهور بالفتح على معنى: ويستبشرون بأن الله، وقرأ الكسائي بالكسر على الاستئناف.
سورة آل عمران (3) : آية 172الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ في سبب نزولها قولان:
(239) أحدهما: أن المشركين لما انصرفوا يوم أحد، ندب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أصحابه لاتباعهم، ثم خرج بمن انتدب معه، فلقي أبو سفيان قوماً، فقال: إن لقيتم محمداً، فأخبروه أني في جمع كثير، فلقيهم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فسألهم عنه؟ فقالوا: لقيناه في جمع كثير، ونراك في قلةٍ، فأبى إلا أن يطلبه، فسبقه أبو سفيان، فدخل مكة، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس، والجمهور.
(240) والثاني: أن أبا سفيان لما أراد الانصراف عن أُحد، قال: يا محمد، موعد بيننا وبينك موسم بدر، فلما كان العام المقبل، خرج أبو سفيان، ثم ألقى الله في قلبه الرعب، فبدا له الرجوع، فلقي نُعيم بن مسعود، فقال: إني قد واعدت محمداً وأصحابه أن نلتقي بموسم بدر الصغرى، وهذا عام جدب، لا يصلح لنا، فثبطهم عنا، وأعلمهم أنَّا في جمع كثير، فلقيهم فخوفهم، فقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل، وخرج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأصحابه، حتى أقاموا ببدر ينتظرون أبا سفيان، فنزل قوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ الآيات. وهذا المعنى مروي عن مجاهد، وعكرمة. والاستجابة: الإجابة.
وأنشدوا:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب «1»