وفي قوله تعالى: فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ قولان: أحدهما: أنه خطاب للأزواج. والثاني: خطاب للحكام، فالمعنى: اسمعوا شهادة أربعة منكم، ذكرهما الماوردي. قال عمر بن الخطاب: إنما جعل الله عزّ وجلّ الشهود أربعة ستراً ستركم به دون فواحشكم. ومعنى «منكم» : من المسلمين. قوله تعالى:
فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ قال ابن عباس: كانت المرأة إِذا زنت، حبست في البيت حتى تموت، فجعل الله لهن سبيلا، وهو الجلد أو الرجم.
سورة النساء (4) : آية 16وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16)
قوله تعالى: وَالَّذانِ قرأ ابن كثير: «واللذانّ» بتشديد النون، و «هذانّ» في طه والحج و «هاتين» في القصص: «إحدى ابنتيّ هاتينّ» و «فذانّك» كله بتشديد النون. وقرأ نافع، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي، بتخفيف ذلك كله، وشدد أبو عمرو «فذانِّك» وحدها.
وقوله: واللذان: يعني: الزانيين. وهل هو عام، أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه عامٌّ في الأبكار والثُّيَّب من الرجال والنساء، قاله الحسن، وعطاء.
والثاني: أنه خاص في البكرين إِذا زنيا، قاله أبو صالح، والسدّي، وابن زيد، وسفيان. قال القاضي أبو يعلى: والأول أصح، لأن هذا تخصيص بغير دلالة.
قوله تعالى: يَأْتِيانِها يعني الفاحشة. قوله تعالى فَآذُوهُما فيه قولان: أحدهما: أنه الأذى بالكلام، والتعيير، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والسدي، والضحاك، ومقاتل.
والثاني: أنه التعيير، والضرب بالنعال، رواه ابن أبي طلحة، عن ابن عباس. فَإِنْ تابا من الفاحشة وَأَصْلَحا العمل فَأَعْرِضُوا عن أذاهما. وهذا كله كان قبل الحد.
فصل: كان حد الزانيين، فيما تقدم، الأذى لهما، والحبس للمرأة خاصة، فنسخ الحكمان جميعا، واختلفوا بماذا وقع نسخهما:
(263) فقال قوم بحديث عبادة بن الصامت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا، الثَّيِّب بالثَّيب جلد مائة، ورجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة» وهذا على قول من يرى نسخ القرآن بالسنة.
وقال قوم: نسخ بقوله تعالى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ «1» قالوا: وكان قوله