سورة النساء (4) : آية 40إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40)
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ قد شرحنا الظلم فيما سَلف، وهو مستحيل على الله عزّ وجلّ، لأن قوماً قالوا: الظلم: تصرّف فيما لا يملك، والكل ملكه، وقال آخرون: هو وضع الشيء في غير موضعه، وحكمته لا تقتضي فعلاً لا فائدة تحته. ومثقال الشيء: زنة الشيء. قال ابن قتيبة: يقال:
هذا على مثقال هذا، أي: على وزنه. قال الزجاج: وهو مفعال من الثقل.
وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: يظن الناس أن المثقال وزن دينار لا غير، وليس كما يظنون. مثقال كل شيء: وزنه، وكل وزن يسمى مثقالاً، وإن كان وزن ألف. قال الله تعالى: وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عن صنجة مثقال الميزان، فقال:
فارسي، ولا أدري كيف أقول، ولكني أقول: مثقال، فإذا قلت للرجل: ناولني مثقالاً، فأعطاك صنجة ألف، أو صنجة حبّة، كان ممتثلاً.
وفي المراد بالذرّة خمسة أقوال: أحدها: أنه رأس نملة حمراء، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والثاني: ذرّة يسيرة من التراب، رواه يزيد بن الأصم، عن ابن عباس. والثالث: أصغر النمل، قاله ابن قتيبة، وابن فارس. والرابع: الخردلة. والخامس: الواحدة من الهباء الظاهر في ضوء الشمس إذا طلعت من ثقب، ذكرهما الثعلبي. واعلم أن ذكر الذرّة ضرب مثل بما يعقل، والمقصود أنه لا يظلم قليلاً ولا كثيراً.
قوله تعالى: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً قرأ ابن كثير، ونافع: «حسنة» بالرفع. وقرأ الباقون بالنصب. قال الزجاج: من رفع، فالمعنى: وإِن تحدثْ حسنة، ومن نصب، فالمعنى: وإن تك فعلته حسنة. قوله تعالى: يُضاعِفْها قرأ ابن عامر، وابن كثير: «يُضعِّفها» بالتشديد من غير ألف. وقرأ الباقون:
«يضاعفها» بألف مع كسر العين. قال ابن قتيبة: يضاعفها بالألف: يعطي مثلها مرات، ويضعفها بغير ألف: يعطي مثلها مرّة.
قوله تعالى: مِنْ لَدُنْهُ أي: من قبله. والأجر العظيم: الجنّة «1» .
سورة النساء (4) : آية 41فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41)
قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ قال الزجاج: معنى الآية فكيف يكون حال هؤلاء يوم القيامة، فحذف الحال، لأن في الكلام دليلاً عليه. ولفظ «كيف» لفظ الاستفهام، ومعناها: