والقول الثاني: أن الهاء، والميم في قوله فَمِنْهُمْ تعود إِلى آل إِبراهيم، فعلى هذا في هاء بِهِ قولان: أحدهما: أنها عائدة إِلى إِبراهيم، قاله السدي. والثاني: إِلى الكتاب، قاله مقاتل.
قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وابن جبير، وعكرمة، وابن يعمر، والجحدري: «من صُدّ عنه» برفع الصاد. وقرأ أُبيُّ بنُ كعبٍ، وأبو الجوزاء وأبو رجاء والجوني:
بكسر الصاد.
سورة النساء (4) : آية 56إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)
قوله تعالى: سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً قال الزجاج: أي نشويهم في نارٍ.
(301) ويروى أن يهوديّة أهدت إِلى النبي صلّى الله عليه وسلّم شاة مصليّة، أي مشوية.
وفي قوله تعالى بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها قولان: أحدهما: أنها غيرها حقيقة، ولا يلزم على هذا أن يقال: كيف بُدلت جلود التذت بالمعاصي بجلود ما التذت، لأن الجلود آلة في إيصال العذاب إِليهم، كما كانت آلة في إيصال اللذّة، وهم المعاقبون لا الجلود. والثاني: أنها هي بعينها تعاد بعد احتراقها، كما تعاد بعد البلى في القبور. فتكون الغيرية عائدة إِلى الصفة، لا إِلى الذات، فالمعنى: بدلناهم جلوداً غير محترقة، كما تقول: صُغت من خاتمي خاتما آخر. وقال الحسن البصري: في هذه الآية: تأكلهم النارُ كل يوم سبعين ألف مرّة، كلما أكلتهم قيل لهم: عودوا، فعادوا.
سورة النساء (4) : آية 57وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)
قوله تعالى: وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا قال الزجاج: هو الذي يُظلُّ من الحرّ والريح، وليس كلُّ ظلٍّ كذلك، فأعلم الله تعالى أن ظل الجنة ظليل لا حرّ معه، ولا برد. فان قيل: أفي الجنة برد أو حر يحتاجون معه إلى ظل؟ فالجواب: أن لا، وإنما خاطبهم بما يعقلون مثله، كقوله تعالى: وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا «1» . وجواب آخر: وهو أنه إِشارة إِلى كمال وصفها، وتمكين بنائِها، فلو كان البرد أو الحرّ يتسلط عليها، لكان في أبنيتها وشجرها ظلّ ظليل.