وما أرسلنا رسولاً إِلا ليطاع. وفي قوله: بِإِذْنِ اللَّهِ قولان: أحدهما: أنه بمعنى: الأمر، قاله ابن عباس. والثاني: أنه الاذن نفسه، قاله مجاهد. وقال الزجاج: المعنى: إِلا ليطاع بأن الله أذن له في ذلك. وقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يرجع إلى المتحاكمين اللذين سبق ذكرهما. قال ابن عباس: ظلموا أنفسهم بسخطهم قضاء الرّسول: جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ من صنيعهم.
سورة النساء (4) : آية 65فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)
قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ في سبب نزولها قولان:
(309) أحدهما: أنها نزلت في خصومة كانت بين الزبير وبين رجل من الأنصار في شراج الحرّة «1» ، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للزبير: «اسق ثم أرسل إِلى جارك» فغضب الأنصاري، قال: يا رسول الله، أن كان ابن عمّتك! فتلوّن وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال للزبير: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يبلغ الجَدْر» قال الزبير: فو الله ما أحسب هذه الآية نزلت إِلاّ في ذلك. أخرجه البخاري ومسلم.
والثاني: أنها نزلت في المنافق، واليهودي اللذين تحاكما إِلى كعب بن الأشرف، وقد سبقت قصتهما، قاله مجاهد «2» .
قوله تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ أي: لا يكونون مؤمنين حتى يحكموك، وقيل: «لا» ردٌ لزعمهم أنهم مؤمنون، والمعنى: فلا، أي: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا، وهم يخالفون حكمك.
ثم استأنف، فقال: وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم، أي: فيما اختلفوا فيه. وفي «الحرج» قولان: أحدهما: أنه الشك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي في آخرين.
والثاني: الضيق، قاله أبو عبيدة، والزجاج. وفي قوله: وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً قولان: أحدهما: يسلموا لما أمرتهم به، فلا يعارضونك، هذا قول ابن عباس، والزجاج، والجمهور. والثاني: يسلّموا ما تنازعوا فيه لحكمك، قاله الماورديّ «3» .