اختيار القاضي أبي يعلى، وأبي سليمان الدمشقي.
سورة النساء (4) : آية 115وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115)
قوله تعالى: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ في سبب نزولها قولان:
(364) أحدهما: أنه لما نزل القرآن بتكذيب طُعمة، وبيان ظلمه، وخاف على نفسه من القطع والفضيحة، هرب إِلى مكة، فلحق بأهل الشرك، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس، وقتادة، وابن زيد، والسدي.
(365) وقال مقاتل: لما قدم مكة نزل على الحجاج بن علاط السُلمي فأحسن نزله، فبلغه أن في بيته ذهباً، فخرج في الليل فنقب حائط البيت، فعلموا به فأحاطوا بالبيت، فلما رأوه، أرادوا أن يرجموه، فاستحيا الحجاج، لأنه ضيفه، فتركوه، فخرج، فلحق بحرّة بني سليم يعبُد صنمهم حتى مات على الشرك، فنزل فيه: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. وقال غيره: بل خرج مع تجارٍ فسرق منهم شيئاً، فرموه بالحجارة حتى قتلوه، وقيل: ركب سفينةً، فسرق فيها مالاً، فعُلِمَ به، فألقي في البحر.
والقول الثاني: أن قوماً قدموا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسلموا، ثم ارتدُّوا، فنزلت فيهم هذه الآية، روي عن ابن عباس.
ومعنى الآية: ومَن يخالف الرسول في التوحيد، والحدود، مِن بعد ما تبيّن له التوحيد والحكم، ويتبع غير دين المسلمين، نولِّه ما تولى، أي: نكله إِلى ما اختار لنفسه، ونصله جهنم: ندخله إِياها.
قال ابن فارس: تقول صليت اللحم أصليه: إِذا شويته، فإن أردت أنك أحرقته، قلت: أصليته. وساءت مصيراً، أي: مرجعاً يصار إليه «1» .