وهذا اختيار أبي عبيد. والثاني: أنها سميت آية، لأنها جماعة حروف من القرآن، وطائفة منه.
قال أبو عمرو الشيباني: يقال: خرج القوم بآيتهم، أي: بجماعتهم. وأنشدوا:
خرجنا من النّقبين لا حيّ مثلنا
... بآيتنا نزجي اللقاح المطافلا «1»
والثالث: أنها سميت آية، لأنها عجب، وذلك أن قارئها يستدل إذا قرأها على مباينتها كلام المخلوقين، وهذا كما تقول: فلان آية من الآيات أي: عجب من العجائب. ذكره ابن الأنباري.
وفي المراد بهذه الآيات أربعة أقوال: أحدها: آيات الكتاب التي تتلى. والثاني: معجزات الأنبياء.
والثالث: القرآن. والرابع: دلائل الله في مصنوعاته.
وأصحاب النار: سكّانها، سمّوا أصحابا، لصحبتهم إياها بالملازمة.
سورة البقرة (2) : آية 40يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40)
قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ. اسرائيل: هو يعقوب، وهو اسم أعجمي. قال ابن عباس:
ومعناه: عبد الله. وقد لفظت به العرب على أوجه، فقالت: إسرائل، وإسرال، وإسرائيل. وإسرائين.
قال أمية «2» :
إنني زارد الحديد على النا
... س دروعاً سوابغ الأذيال
لا أرى من يعينني في حياتي
... غير نفسي إِلا بني إسرال
وقال أعرابي صاد ضبّاً، فأتى به أهله:
يقول أهل السوق لما جينا:
... هذا ورب البيت إسرائينا
أراد: هذا مما مسخ من بني إسرائيل.
والنعمة: المنة، ومثلها: النعماء. والنعمة: بفتح النون: التنعم، وأراد بالنعمة: النعم، فوحدها، لأنهم يكتفون بالواحد من الجميع كقوله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ «3» ، أي: ظهراء. وفي المراد بهذه النعمة ثلاثة أقوال: أحدها: أنها ما استودعهم من التوراة التي فيها صفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قاله ابن عباس. والثاني: أنها ما أنعم به على آبائهم وأجدادهم إِذ أنجاهم من آل فرعون، وأهلك عدوهم، وأعطاهم التوراة، ونحو ذلك، قاله الحسن والزجاج، وإنما منّ عليهم بما أَعطى آباءهم، لأن فخر الآباء فخر للأبناء، وعار الآبار عار على الأبناء. والثالث: أنها جمع نعمة على تصريف الأحوال.
والمراد من ذكرها: شكرها، إذ من لم يشكر فما ذكر.
قوله تعالى: وَأَوْفُوا. قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: أوفيت، وأهل نجد يقولون: وفيت، بغير ألف. قال الزجاج: يقال: وفى بالعهد، وأوفى به، وأنشد: