من الأمم الخالية بما رأوا من الآيات، قاله مقاتل. والرابع: أن ذلك التقليب في النار، عقوبة لهم، ذكره الماوردي.
وفي هاء «به» أربعة أقوال. أحدها: أنها كناية عن القرآن. والثاني: عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم. والثالث: عما ظهر من الآيات. والرابع: عن التقليب.
وفي المراد ب «أول مرة» ثلاثة أقوال: أحدها: أن المرة الأولى: دار الدنيا. والثاني: أنها معجزات الأنبياء قبل محمّد عليه السلام. والثالث: أنها صرف قلوبهم عن الإيمان قبل نزول الآيات أن لو نزلت والطغيان والعمه مذكوران في (البقرة) .
سورة الأنعام (6) : آية 111وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)
قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ.
(550) سبب نزولها: أن المستهزئين أتوا رسولَ الله صلّى الله عليه وسلم في رهط من أهل مكة، فقالوا له: ابعث لنا بعض موتانا حتى نسألهم: أحق ما تقول، أم باطل؟ أو أرنا الملائكة يشهدون لك أنك رسول الله، أو ائتنا بالله والملائكة قبيلاً، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
ومعنى الآية: وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ كما سألوا وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى فشهدوا لك بالنبوة وَحَشَرْنا أي: جمعنا: عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ في الدنيا قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ، فأخبر أن وقوع الإيمان بمشيئته، لا كما ظنوا أنهم متى شاؤوا آمنوا، ومتى شاؤوا لم يؤمنوا. فأمّا قوله تعالى:
«قِبَلاً» ، فقرأ ابن عامر، ونافع: بكسر القاف وفتح الباء. قال ابن قتيبة: معناها: معاينة. وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة والكسائي: «قُبُلا» بضم القاف والباء. وفي معناها، ثلاثة أقوال: أحدها:
أنه جمع قبيل، وهو الصِّنْف فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء قبيلاً قبيلاً، قاله مجاهد، واختاره أبو عبيدة، وابن قتيبة. والثاني: أنه جمع قبيل أيضاً، إلا أنه: الكفيل فالمعنى: وحشرنا عليهم كل شيء، فكَفَلَ بصحة ما تقول، اختاره الفراء، وعليه اعتراض، وهو أن يقال: إذا لم يؤمنوا بانزال الملائكة، وتكليم الموتى، فَلأَنْ لا يؤمنوا بالكفالة التي هي قول، أولى. فالجواب: أنه لو كَفَلَت الأشياء المحشورة، فنطق ما لم ينطق، كان ذلك آية بينة. والثالث: أنه بمعنى المقابل، فيكون المعنى: وحشرنا عليهم كل شيء، فقابلهم، قاله ابن زيد. قال أبو زيد: يقال: لقيت فلاناً قِبَلاً وقَبَلاً وقُبُلاً وقبيلا وقبليّا ومقابلة، وكله واحد، وهو المواجهة. قال أبو علي: فالمعنى في القرآن- على ما قاله أبو زيد- واحد، وإن اختلفت الألفاظ.
قوله تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ فيه قولان: أحدهما: يجهلون أن الاشياء لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى. والثاني: أنهم يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا.