قوله تعالى: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية إذا دفنوا بناتهم قالوا: إن الله أمرنا بذلك فقال: فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ أي: يكذبون وهذا تهديد ووعيد، فهو محكم، وقال قوم: مقصوده ترك قتالهم، فهو منسوخ بآية السيف.
سورة الأنعام (6) : آية 138وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (138)
قوله تعالى: وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ الحرث: الزرع، والحجر: الحرام والمعنى:
أنهم حرَّموا أنعاماً وحرثاً جعلوه لأصنامهم. قال ابن قتيبة: وإنما قيل للحرام: حجر، لأنه حُجر على الناس أن يصيبوه. وقرأ الحسن، وقتادة: «حُجْر» بضم الحاء. قال الفراء: يقال: حِجْر، وحُجْر، بكسر الحاء وضمها وهي في قراءة ابن مسعود: «حرج» ، مثل: «جذب» و «جبذ» . وفي هذه الأنعام التي جعلوها للأصنام قولان: أحدهما: أنها البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام. والثاني: أنها الذبائح للأوثان، وقد سبق ذكرهما.
قوله تعالى: لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ هو كقولك: لا يذوقها إلا من نريد. وفيمن أطلقوا له تناولها قولان: أحدهما: أنهم منعوا منها النساء، وجعلوها للرجال، قاله ابن السائب. والثاني: عكسه، قاله ابن زيد. قال الزجاج: أعلم الله عزّ وجلّ أن هذا التحريم زعم منهم، لا حجة فيه ولا برهان. وفي قوله تعالى: وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها ثلاثة أقوال: أحدها: أنها الحام، قاله ابن عباس. والثاني:
البحيرة، كانوا لا يحجُّون عليها، قاله أبو وائل. والثالث: البحيرة، والسائبة، والحام، قاله السدي.
قوله تعالى: وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا هي قربان آلهتهم، يذكرون عليها اسم الأوثان خاصة. وقال أبو وائل. هي التي كانوا لا يحجُّون عليها وقد ذكرنا هذا عنه في قوله تعالى: حُرِّمَتْ ظُهُورُها، فعلى قوله، الصفتان لموصوف واحد. وقال مجاهد: كان من إبلهم طائفة لا يذكرون اسم الله عليها في شيء لا إن رُكِبوا ولا إن حملوا ولا إن حلبوا، ولا إن نتجوا. وفي قوله تعالى: افْتِراءً عَلَيْهِ قولان: أحدهما: أن ذكر أسماء أوثانهم وترك ذكر الله! هو الافتراء. والثاني: أن إضافتهم ذلك إلى الله تعالى، هو الافتراء لأنهم كانوا يقولون: هو حرّم ذلك.
سورة الأنعام (6) : آية 139وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139)
قوله تعالى: وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ يعني بالأنعام: المحرمات عندهم، من البحيرة، والسائبة، والوصيلة. وللمفسرين في المراد بما في بطونها ثلاثة أقوال «1» : أحدها: أنه اللبن،