وحوّلوا ضمّة همزة «أم» إلى اللام، وأسقطوا الهمزة، فاتصلت الميم باللام. وإذا قال الرجل للرجل «هلم» ، فأراد أن يقول: لا أفعل، قال: «لا أهَلُمّ ولا أُهَلِمُّ» . قال مجاهد: هذه الآية جواب قولهم: إن الله حرم البحيرة، والسائبة. قال مقاتل: الذين يشهدون أن الله حرَّم هذا الحرث والأنعام، فَإِنْ شَهِدُوا أن الله حرَّمه فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ أي: لا تصدّق قولهم.
سورة الأنعام (6) : آية 151قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)
قوله تعالى: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً «ما» بمعنى «الذي» .
وفي «لا» قولان: أحدهما: أنها زائدة كقوله تعالى: أَلَّا تَسْجُدَ. والثاني: أنها ليست زائدة، وإنّما هي باقية فعلى هذا القول، في تقدير الكلام ثلاثة أقوال: أحدها: أن يكون قوله: «أن لا تشركوا» ، محمولا على المعنى فتقديره: أتل عليكم أن لا تشركوا، أي أتل تحريم الشرك. والثاني: أن يكون المعنى: أوصيكم أن لا تشركوا، لأنّ قوله تعالى: وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً محمول على معنى: أوصيكم بالوالدين إحساناً، ذكرهما الزجاج. والثالث: أن الكلام تم عند قوله: حَرَّمَ رَبُّكُمْ. ثم في قوله:
«عليكم» قولان: أحدهما: أنها إغراء، كقوله عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ «1» ، فالتقدير: عليكم أن لا تشركوا، ذكره ابن الانباري. والثاني: أن يكون بمعنى: فُرض عليكم، ووجب عليكم أن لا تشركوا. وفي هذا الشرك قولان: أحدهما: أنه ادعاء شريك مع الله عزّ وجلّ. والثاني: أنه طاعة غيره في معصيته.
قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ يريد دفن البنات أحياءً، مِنْ إِمْلاقٍ أي: من خوف فقر.
قوله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ فيه خمسة اقوال:
أحدها: أن الفواحش: الزنا، وما ظهر منه: الإعلان به، وما بطن: الاستسرار به، قاله ابن عباس، والحسن، والسدي. والثاني: أن ما ظهر: الخمر، ونكاح المحرمات. وما بطن: الزنا، قاله سعيد بن جبير، ومجاهد. والثالث: أن ما ظهر: الخمر، وما بطن: الزنا، قاله الضحاك. والرابع: أنه عام في الفواحش. وظاهرها: علانيتها، وباطنها: سِرُّها، قاله قتادة. والخامس: أن ما ظهر: أفعال الجوارح، وما بطن: اعتقاد القلوب، ذكره الماوردي في تفسير هذا الموضع، وفي تفسير قوله: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ «2» .
والنفس التي حرَّم الله: نفس مسلم أو معاهد. والمراد بالحقّ: ادن الشّرع.
سورة الأنعام (6) : آية 152وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152)