تطلع الشمس من مغربها، فاذا طلعت، طُبع على كلّ قلب بما فيه، وكفي الناس العمل» .
والثاني: أنه طلوع الشمس والقمر من مغربهما، رواه مسروق عن ابن مسعود. والثالث: أنه إحدى الآيات الثلاث، طلوع الشمس من مغربها، والدابة، وفتح يأجوج ومأجوج، روى هذا المعنى القاسم عن ابن مسعود. والرابع: أنه طلوع الشمس من مغربها، والدجَّال، ودابة الأرض، قاله أبو هريرة والأول أصح.
والمراد بالخير ها هنا: العمل الصالح وإنما لم ينفع الإيمان والعمل الصالح حينئذ، لظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان. وقال الضحاك: من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه، قبِل منه، كما يقبل منه قبل الآية. وقيل: إن الحكمة في طلوع الشمس من مغربها، أن الملحدة والمنجمين، زعموا أن ذلك لا يكون، فيريهم الله تعالى قدرته، ويطلعها من المغرب كما أطلعها من المشرق، ولتحقق عجز نمرود حين قال له إبراهيم: فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ «1» .
(فصل:) وفي قوله: قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ قولان: أحدهما: أن المراد به التهديد، فهو محكم.
والثاني: أنه أمر بالكف عن القتال، فهو منسوخ بآية السيف.
سورة الأنعام (6) : آية 159إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (159)
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: «فرّقوا» مشددة. وقرأ حمزة، والكسائي: «فارقوا» بألف. وكذلك قرءوا في (الروم) فمن قرأ: «فرّقوا» ، أراد: آمنوا ببعض، وكفروا ببعض. ومن قرأ: «فارقوا» ، أراد: باينوا. وفي المشار إليهم أربعة أقوال:
أحدها: أنهم أهل الضلالة من هذه الأمة، قاله أبو هريرة. والثاني: أنهم اليهود والنصارى، قاله ابن عباس، والضحاك، وقتادة، والسدي. والثالث: اليهود، قاله مجاهد. والرابع: جميع المشركين، قاله الحسن. فعلى هذا القول، دينهم: الكفر الذي يعتقدونه ديناً، وعلى ما قبله، دينهم: الذي أمرهم الله به. والشِّيَع: الفرق والأحزاب. قال الزجاج: ومعنى «شيّعتُ» في اللغة: اتبعت. والعرب تقول:
شاعكم السلام، وأشاعكم، أي: تبعكم. قال الشاعر:
ألا يا نَخْلَةً مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ
... بَرُوْدِ الظِّلِّ شَاعَكُم السَّلاَمُ «2»
وتقول: أتيتك غداً، أو شِيَعة، أي: أو اليوم الذي يتبعه. فمعنى الشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضاً، وليس كلهم متّفقين.