(25) وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: «لولا أن بني إسرائيل استثنوا لم يعطوا الذي أعطوا» ، يعني بذلك قولهم: وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ.
وفي المراد باهتدائهم قولان: أحدهما: أنهم أرادوا: المهتدون إلى البقرة، وهو قول الأكثرين.
والثاني: إِلى القاتل، ذكره أبو صالح عن ابن عباس.
سورة البقرة (2) : آية 71قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ (71)
قوله تعالى: قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ، قال قتادة: لم يذلها العمل فتثير الأرض. قال ابن قتيبة: يقال في الدواب: دابة ذلول: بينة الذل. بكسر الذال، وفي الناس: رجل ذليل بين الذل، بضم الذال. تُثِيرُ الْأَرْضَ: تقلبها للزراعة، ويقال للبقرة: المثيرة. قال الفراء: لا تقفن على ذلول، لأن المعنى: ليست بذلول فتثير الأرض. وحكى ابن القاسم أن أبا حاتم السجستاني أجاز الوقف على ذلول، ثم أنكره عليه جداً، وعلل بأن التي تثير الأرض لا يعدم منها سقي الحرث، ومتى أثارت الأرض كانت ذلولاً.
ومعنى: وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ: لا يستقى عليها الماء لسقي الزرع.
قوله تعالى: مُسَلَّمَةٌ فيه أربعة أقوال: أحدها: مسلَّمة من العيوب، قاله ابن عباس، وأبو العالية، وقتادة، ومقاتل. والثاني: مسلَّمة من العمل، قاله الحسن وابن قتيبة. والثالث: مسلّمة من الشية، قاله مجاهد وابن زيد. والرابع: مسلَّمة القوائم والخلق، قاله عطاء الخراساني.
فأما الشية، فقال الزجاج: الوشي في اللغة: خلط لون بلون. ويقال: وشيت الثوب أشيه شية ووشياً، كقولك: وديت فلاناً أدية دية. ونصب: لا شِيَةَ فِيها، على النفي. معنى الكلام: ليس فيها لون يفارق سائر لونها، وقال عطاء الخراساني: لونها لون واحد.
قوله تعالى: الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ، قال ابن قتيبة: الآن: هو الوقت الذي أنت فيه، وهو حدّ الزمانين، حد الماضي من آخره، وحد المستقبل من أوله، ومعنى جِئْتَ بِالْحَقِّ: بينت لنا. قوله تعالى: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ، فيه قولان: أحدهما: لغلاء ثمنها، قاله ابن كعب القرظي. والثاني:
لخوف الفضيحة على أنفسهم في معرفة القاتل منهم، قاله وهب. قال ابن عباس: مكثوا يطلبون البقرة