سورة الأعراف (7) : آية 154وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154)
قوله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ وقرأ ابن عباس، وأبو عمران «سَكّت» بفتح السين وتشديد الكاف وبتاء بعدها، «الغضبَ» بالنصب. وقرأ سعيد بن جبير، وابن يعمر، والجحدري «سُكِّت» بضم السين وتشديد الكاف مع كسرها. وقرأ ابن مسعود، وعكرمة، وطلحة «سَكَنَ» بنون. قال الزجاج «سكت» بمعنى سكن، يقال: سكت يسكت سَكْتاً: إذا سكن، وسكت يسكت سكْتاً وسكوتاً:
إذا قطع الكلام. قال: وقال بعضهم: المعنى: ولما سكت موسى عن الغضب، على القلب، كما قالوا: أدخلت القلنسوة في رأسي. والمعنى: أدخلت رأسي في القلنسوة، والأول هو قول أهل العربية.
قوله تعالى: أَخَذَ الْأَلْواحَ يعني التي كان ألقاها. وفي قوله تعالى: وَفِي نُسْخَتِها قولان:
أحدهما: وفيما بقي منها قاله ابن عباس. والثاني: وفيما نُسخ فيها قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ فيهم قولان: أحدهما: أنه عام في الذين يخافون الله، وهو معنى قول قتادة. والثاني: أنّهم أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلم خاصّة، وهو معنى قول قتادة.
سورة الأعراف (7) : آية 155وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (155)
قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ المعنى: اختار من قومه، فحُذف «من» ، تقول العرب: اخترتك القوم، أي: اخترتك من القوم، وأنشدوا:
مِنَّا الذي اخِتيرَ الرِّجَالَ سََمَاحةً
... وجُوداً إذا هبَّ الرِّياح الزَّعازعُ «1»
هذا قول ابن قتيبة، والفراء، والزجاج.
وفي هذا الميقات أربعة أقوال: أحدها: أنه الميقات الذي وَقَّتَهُ الله لموسى ليأخذ التوراة، أُمر أن يأتيَ معه بسبعين، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال نوف البِكَاليُّ. والثاني: أنه ميقات وَقَّتَهُ الله تعالى لموسى، وأمره أن يختار من قومه سبعين رجلا ليدعوا ربّهم، فدعوا فقالوا: اللهمّ أعطنا ما لم تعط أحداً قبلنا، ولا تعطيه أحداً بعدنا، فكره الله ذلك، وأخذتهم الرجفة، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. والثالث: أنه ميقات وَقَّتَهُ الله لموسى، لأن بني إسرائيل قالوا له: إن طائفة تزعم أن الله لا يكلمك، فخذ معك طائفة منا ليسمعوا كلامه فيؤمنوا فتذهب التهمة، فأوحى الله اليه ان أختر من خيارهم سبعين، ثم ارتقِ بهم على الجبل انت وهارون، واستخلف يوشع بن نون، ففعل ذلك قاله وهب بن منبه. والرابع: أنه ميقات وَقَّتَهُ الله لموسى ليلقاه في ناس من بني إسرائيل، فيعتذر إليه من فِعْل عبدة العجل، قاله السدي. وقال ابن السائب: كان موسى لا يأتي ربّه إلا بإذن منه.
فأما الرجفة فهي الحركة الشديدة. وفي سبب أخذها إياهم أربعة أقوال: أحدها: أنه ادعاؤهم على موسى قتل هارون، قاله علي بن أبي طالب. والثاني: اعتداؤهم في الدعاء، وقد ذكرناه في رواية ابن