سورة الأعراف (7) : الآيات 184 الى 186أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185) مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)
قوله تعالى: أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ سبب نزولها:
(596) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم، علا على الصفا ليلة، ودعا قريشاً فخذاً فخذاً: يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان، فحذَّرهم بأس الله وعقابه، فقال قائلهم: إن صاحبكم هذا لمجنون، بات يصوِّت حتى الصباح، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن، وقتادة.
ومعنى الآية: أو لم يتفكروا فيعلموا ما بصاحبهم من جِنة، أي: جنون، فحثَّهم على التفكر في أمره ليعلموا أنه بريء من الجنون، إِنْ هُوَ أي: ما هو إِلَّا نَذِيرٌ أي: مخوِّف مُبِينٌ يبيِّن طريق الهدى. ثم حثهم على النظر المؤدي إلى العلم فقال: أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ليستدلوا على أن لها صانعاً مدبراً وقد سبق بيان الملكوت في (الأنعام) «1» .
قوله تعالى: وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ قرأ ابن مسعود، وأبيٌّ، والجحدري: «آجالهم» . ومعنى الآية: أو لم ينظروا في الملكوت وفيما خلق الله من الأشياء كلِّها، وفي أنْ عسى أن تكون آجالهم قد قربت فيهلِكوا على الكفر، ويصيروا إلى النار، فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ يعني القرآن وما فيه من البيان. ثم ذكر سبب إعراضهم عن الإيمان، فقال: مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: «ونذرهم» بالنون والرفع. وقرأ أبو عمرو بالياء وبالرّفع.
وقرأ حمزة والسكائيّ: «ويذرْهُم» بالياء مع الجزم خفيفة، فمن قرأ بالرفع استأنف، ومن جزم «ويذرْهم» عطفَ على موضع الفاء. قال سيبويه: وموضعها جزْم فالمعنى: من يضلل الله يَذَرْه وقد سبق في سورة (البقرة) «2» معنى الطّغيان والعمه.
سورة الأعراف (7) : آية 187يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (187)
قوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ في سبب نزولها قولان:
(597) أحدهما: أن قوماً من اليهود قالوا: يا محمد، أخبرنا متى الساعة؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.