بين الناس ثم يجعل من السهم الخامس للكعبة وهذا مما انفرد به أبو العالية فيما يقال.
والثاني: أنّ ذكر الله ها هنا لأحد وجهين: أحدهما: لأنه المتحكِّم فيه، والمالك له، والمعنى:
فان للرسول خمسة ولذي القربى كقوله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ. والثاني:
أن يكون المعنى: إن الخمس مصروف في وجوه القرب إلى الله تعالى، وهذا قول الجمهور. فعلى هذا تكون الواو زائدة، كقوله تعالى: فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنادَيْناهُ، المعنى: ناديناه ومثله كثير.
فصل: أجمع العلماء على أن أربعة أخماس الغنيمة لأهل الحرب خاصة فأما الخمس الخامس، فكيف يقسم؟ فيه ثلاثة أقوال: أحدها: يقسم منه لله وللرسول ولمن ذكر في الآية. وقد ذكرنا أن هذا مما انفرد به أبو العالية، وهو يقتضي أن يقسم على ستة أسهم. والثاني: أنه مقسوم على خمسة أسهم: سهم للرسول، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل، على ظاهر الآية، وبه قال الجمهور. والثالث: أنه يقسم على أربعة أسهم. فسهم الله عزّ وجلّ وسهم رسوله عائد على ذوي القربى.
(647) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يأخذ منه شيئاً، وهذا المعنى رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
فصل: فأمّا سهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فانه كان يصنع فيه ما بيَّنَّا. وهل سقط بموته، أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: لم يسقط بموته، وبه قال أحمد والشافعي في آخرين. وفيما يُصنَع به قولان: أحدهما: أنه للخليفة بعده، قاله قتادة. والثاني: أنه يُصْرَفُ في المصالح، وبه قال أحمد والشافعي. والثاني: أنه يسقط بموته كما يسقط الصفيُّ، فيرجع إلى جملة الغنيمة، وبه قال أبو حنيفة. وأما ذوو القربى، ففيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم جميع قريش. قال ابن عباس: كنا نقول: نحن هم فأبى علينا قومنا، وقالوا: قريش كلها ذوو قربى. والثاني: بنو هاشم وبنو المطلب، وبه قال أحمد والشافعي. والثالث:
أنهم بنو هاشم فقط، قاله أبو حنيفة. وبماذا يستحقون؟ فيه قولان: أحدهما: بالقرابة وإن كانوا أغنياء، وبه قال أحمد والشافعي. والثاني: بالفقر لا بالاسم، وبه قال أبو حنيفة. وقد سبق في البقرة «1» معنى اليتامى والمساكين وابن السبيل. وينبغي أن تُعتبر في اليتيم أربعة أوصاف: موت الأب وإن كانت الأم باقية. والصِّغَر. لقوله عليه السلام:
(648) «لا يُتْمَ بعد حُلُم» ، والإِسلام لأنه مال للمسلمين. والحاجة لأنه معدّ للمصالح.