جميع بني اسرائيل، روي عن ابن عباس. والثاني: طائفة من سلفهم، قاله الماوردي. والثالث: جماعة كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم قولان: أحدهما: فنحاص وحده، وقد ذكرناه عن ابن عمر، وابن جريج. والثاني: الذين ذكرناهم في أول الآية عن ابن عباس.
فان قيل: إن كان قولَ بعضهم، فلِمَ أُضيف إلى جميعهم؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن إيقاع اسم الجماعة على الواحد معروف في اللغة، تقول العرب: جئت من البصرة على البغال، وإن كان لم يركب إلا بغلاً واحداً. والثاني: أن من لم يقله، لم ينكره.
قوله تعالى: وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ في سبب قولهم هذا قولان:
أحدهما: لكونه ولد من غير ذكَر.
والثاني: لأنه أحيى الموتى، وأبرأ الكُمْةَ والبُرص وقد شرحنا هذا المعنى في (المائدة) .
قوله تعالى: ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ إن قال قائل: هذا معلوم، فما فائدته؟ فالجواب: أنّ معنى أنه قول بالفم، لا بيانَ فيه ولا برهانَ ولا تحته معنى صحيح، قاله الزجاج.
قوله تعالى: يُضاهِؤُنَ قرأ الجمهور: من غير همز. وقرأ عاصم: «يضاهئون» . قال ثعلب:
لم يتابع عاصماً أحد على الهمز. قال الفراء: وهي لغة. قال الزجاج: يضاهون: يشابهون قولَ من تقدَّمَهم من كَفَرتِهم، فانما قالوه اتباعاً لمتقدِّميهم. وأصل المضاهاة في اللغة: المشابهة والأكثر ترك الهمز واشتقاقه من قولهم: امرأة ضهياء، وهي التي لا ينبت لها ثدي. وقيل: هي التي لا تحيض، والمعنى: أنها قد أشبهت الرجال. قال ابن الأنباري: يقال: ضاهَيت، وضاهأت: إذا شبَّهتَ. وفي الَّذِينَ كَفَرُوا ها هنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم عبدة الأوثان، والمعنى: أن أولئك قالوا: الملائكة بنات الله، قاله ابن عباس. والثاني: أنهم اليهود، فالمعنى: أن النصارى في قولهم: المسيح ابن الله، شابهوا اليهود في قولهم: عزير ابن الله، قاله قتادة، والسدي. والثالث: أنهم أسلافهم، تابعوهم في أقوالهم تقليداً، قاله الزجاج، وابن قتيبة. وفي قوله تعالى: قاتَلَهُمُ اللَّهُ ثلاثة أقوال: أحدها: أن معناه: لعنهم الله، قاله ابن عباس: والثاني: قتلهم الله، قاله أبو عبيدة. والثالث: عاداهم الله، ذكره ابن الأنباري.
قوله تعالى: أَنَّى يُؤْفَكُونَ أي: من أين يصرفون عن الحق.
قوله تعالى: اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ قد سبق في (المائدة) معنى الأحبار والرهبان.
(693) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن هذه الآية، فقال: «أما إنّهم لم يكونوا يعبدونهم،