قوله تعالى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
(715) أحدها: أن المنافقين كانوا يعيبون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بينهم، ويقولون: عسى الله أن لا يفشي سرَّنا فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.
(716) والثاني: أن بعض المنافقين قال: لوددت أني جُلدت مائة جلدة، ولا ينزل فينا شيء يفضحنا، فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
(717) والثالث: أنّ جماعة من المنافقين وقفوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة عند مرجعه من تبوك ليفتكوا به، فأخبره جبريل عليه السلام، ونزلت هذه الآية، قاله ابن كيسان.
وفي قوله تعالى: يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ قولان: أحدهما: أنه إخبار من الله عزّ وجلّ عن حالهم، قاله الحسن، وقتادة واختاره ابن القاسم. والثاني: أنه أمر من الله عزّ وجلّ لهم بالحذر، فتقديره: ليحذر المنافقون، قاله الزجاج. قال ابن الأنباري: والعرب ربما أخرجت الأمر على لفظ الخبر، فيقولون:
يرحم الله المؤمن، ويعذب الكافر يريدون: ليرحم وليعذب، فيسقطون اللام ويُجْرُونَه مجرى الخبر في الرفع، وهم لا ينوون إلا الدعاء والدعاء مضارع للأمر.
قوله تعالى: قُلِ اسْتَهْزِؤُا هذا وعيد خرج مخرج الأمر تهديداً. وفي قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ ما تَحْذَرُونَ وجهان: أحدهما: مظهر ما تُسِرُّون. والثاني: ناصر مَنْ تخذلون، ذكرهما الماوردي.
سورة التوبة (9) : الآيات 65 الى 66وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (65) لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ (66)
قوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ في سبب نزولها ستة أقوال:
(718) أحدهما: أن جَدَّ بنَ قيس، ووديعة بن خذام، والجُهَير بن خُمَير، كانوا يسيرون بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك، فجعل رجلان منهم يستهزئان برسول الله صلى الله عليه وسلم. والثالث يضحك مما يقولان ولا يتكلم بشيء، فنزل جبريل فأخبره بما يستهزئون به ويضحكون فقال لعمار بن ياسر:
«اذهب فسلهم عما كانوا يضحكون منه، وقل لهم: أحرقكم الله» ، فلما سألهم، وقال: أحرقكم الله