في قوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ. والخامس: أنهم السابقون بالموت والشهادة، سبقوا إلى ثواب الله تعالى. ذكره الماوردي. والسادس: أنهم الذين أسلموا قبل الهجرة، ذكره القاضي أبو يعلى.
قوله تعالى: مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ قرأ يعقوب: «والأنصارُ» برفع الراء.
قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ من قال: إن السابقين جميع الصحابة، جعل هؤلاء تابعي الصحابة، وهم الذين لم يصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روي عن ابن عباس أنه قال: والذين اتَّبعوهم باحسان إلى أن تقوم الساعة. ومن قال: هم المتقدمون من الصحابة، قال: هؤلاء تبعوهم في طريقهم، واقتدَوْا بهم في أفعالهم، ففضِّل أولئك بالسبق، وإن كانت الصحبة حاصلة للكل. وقال عطاء: اتباعهم إياهم باحسان: أنهم يذكرون محاسنهم ويترحَّمون عليهم.
قوله تعالى: تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ قرأ ابن كثير: «من تحتها» فزاد «من» وكسر التاء الثانية.
وقوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يعم الكل، قال الزجاج: رضي الله أفعالهم، ورضوا ما جازاهم به.
سورة التوبة (9) : آية 101وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ (101)
قوله تعالى: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ قال ابن عباس: مُزَينة، وجُهيَنة، وأسلَم، وغِفار، وأشجع، كان فيهم بعد إسلامهم منافقون. قال مقاتل: وكانت منازلهم حول المدينة. وقوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ قال ابن عباس: مرنوا عليه وثبتوا، منهم عبد الله بن أُبَيّ، وجَدّ بن قيس، والجلاس، ومعتِّب، ووَحْوَح، وأبو عامر الراهب. وقال أبو عبيدة: عَتَوْا ومَرَنُوا عليه، وهو من قولهم: تمرَّد فلان، ومنه: شيطان مريد.
فان قيل: كيف قال: وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا، وليس يجوز في الكلام: مِن القوم قعدوا؟ فعنه ثلاثة أجوبة: أحدها: أن تكون «من» الثانية مردودة على الأولى والتقدير: وممن حولكم من الأعراب ومن أهل المدينة منافقون، ثم استأنف «مردوا» . والثاني: أن يكون في الكلام «مَنْ» مضمر، تقديره:
ومن أهل المدينة مَنْ مردوا فأُضمرت «مَنْ» لدلالة «من» عليها، كقوله تعالى: وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ «1» يريد: إلا مَنْ له مقام معلوم وعلى هذا ينقطع الكلام عند قوله تعالى: «منافقون» . والثالث:
أن «مَرَدُوا» متعلق بمنافقين، تقديره: ومِنْ أهل المدينة منافقون مَرَدُوا، ذكر هذه الأجوبة ابن الأنباري.
قوله تعالى: لا تَعْلَمُهُمْ فيه وجهان: أحدهما: لا تعلمهم أنت حتى نُعْلِمَكَ بهم. والثاني: لا تعلم عواقبهم.
قوله تعالى: سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ فيه عشرة أقوال «2» : أحدها: أن العذاب الأول في الدنيا، وهو فضيحتهم بالنفاق. والعذاب الثاني: عذاب القبر، قاله ابن عباس.