معه، وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم، فلما نزلت هذه الآية، أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذرهم. وروى أبو صالح عن ابن عباس أنهم كانوا ثلاثة: أبو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن خِذام الأنصاري. وقال سعيد بن جبير، ومجاهد، وزيد بن أسلم: كانوا ثمانية. وقال قتادة: ذُكر لنا أنهم كانوا سبعة «1» .
والثاني: أنها نزلت في أبي لبابة وحده. واختلفوا في ذنبه على قولين: أحدهما: أنه خان الله ورسوله باشارته إلى بني قريظة حين شاوروه في النزول على حكم سعد أنه الذبح، وهذا قول مجاهد، وقد شرحناه في سورة الأنفال «2» . والثاني: أنه تخلُّفه عن تبوك. قاله الزهري. فأما الاعتراف، فهو الاقرار بالشيء عن معرفة. والاعتراف بالذنب أدعى إلى صدق التوبة والقبول.
قوله تعالى: خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً قال ابن جرير: وُضع الواوُ مكان الباء، والمعنى:
بآخر سيء، كما يقال: خلطت الماءَ واللبن. وفي ذلك العمل قولان: أحدهما: أن العمل الصالح: ما سبق من جهادهم، والسّيئ: التأخر عن الجهاد، قاله السدي. والثاني: أن العمل الصالح: توبتهم، والسّيئ: تخلّفهم، ذكره الفرّاء.
وفي قوله تعالى: عَسَى اللَّهُ قولان: أحدهما: أنه واجب من الله تعالى، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه ترديد لهم بين الطمع والإشفاق، وذلك يصد عن اللهو والإهمال.
سورة التوبة (9) : آية 103خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)
قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً.
(752) قال المفسّرون: لمّا تاب الله عزّ وجلّ على أبي لبابة وأصحابه، قالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا فتصدق بها عنا، فقال «ما أُمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً» فنزلت هذه الآية.