أحدهما: إلا أن يموتوا، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة في آخرين. والثاني: إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندماً وأسفاً على تفريطهم، ذكره الزّجّاج.
سورة التوبة (9) : آية 111إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)
قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ.
(760) سبب نزولها أن الأنصار لما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وكانوا سبعين رجلاً، قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله اشترط لربك ولنفسك ما شئت، فقال «أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم» ، قالوا: فاذا فعلنا ذلك، فما لنا؟
قال: «الجنة» قالوا: ربح البيع، لا نقيل ولا نستقيل، فنزلت إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الآية، قاله محمد بن كعب القرظي.
فأما اشتراء النفس فبالجهاد. وفي اشتراء الأموال وجهان: أحدهما: بالإِنفاق في الجهاد.
والثاني: بالصدقات. وذِكْرُ الشّراء ها هنا مجاز لأن المشتري حقيقة هو الذي لا يملك المشترى، فهو كقوله تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ «1» والمراد من الكلام أن الله أمرهم بالجهاد بأنفسهم وأموالهم ليجازيهم عن ذلك بالجنة فعبَّر عنه بالشراء لِما تضمن من عوض ومعوض. وكان الحسن يقول: لا والله، إنْ في الدنيا مؤمن إلا وقد أُخذت بيعته. وقال قتادة: ثامَنَهم والله فأغلى لهم. قوله تعالى:
فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم «فيَقتلون ويُقتَلون» فاعل ومفعول. وقرأ حمزة، والكسائي «فيُقتلون ويَقتُلون» مفعول وفاعل. قال أبو علي: القراءة الأولى بمعنى أنهم يَقتُلون أولاً ويُقتلون، والأخرى يجوز أن تكون في المعنى كالأولى، لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم فان لم يقدَّر فيه التقديم، فالمعنى: يقتُل من بقي منهم بعد قتل من قُتل، كما أن قوله تعالى: فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ «2» ما وهن من بقي بِقَتْلِ من قُتل. ومعنى الكلام: إن الجنة عوض عن جهادهم، قَتَلوا أو قُتلوا. وَعْداً عَلَيْهِ قال الزجاج: نصب «وعداً» بالمعنى، لأن معنى قوله: بِأَنَ