إِلى «أنَّ» فنُصب. وقرأ حمزة والكسائي «إِنه» بكسر الألف، فحملوه على القول المضمر، كأنه قال:
آمنت، فقلت: إِنه. قال ابن عباس: لم يقبل الله إِيمانه عند رؤية العذاب. قال ابن الأنباري: جنح فرعون إِلى التوبة حين أُغلق بابها لحضور الموت ومعاينة الملائكة، فقيل له: (آلآن) أي: الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها، وكنت من المفسدين بالدّعاء إلى عبادة غير الله تعالى؟ والمخاطب له بهذا كان جبريل عليه السلام.
(786) وجاء في الحديث «أن جبريل جعل يدسُّ الطين في فم فرعون خشية أن يُغفرَ له» .
قال الضّحّاك بن قيس: اذكروا الله في الرَّخاء يذكرْكم في الشدة، إِن يونس عليه السلام كان عبداً صالحاً، وكان يذكر الله، فلما وقع في بطن الحوت سأل الله، فقال الله: فَلَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ «1» وإِن فرعون كان عبداً طاغياً ناسياً لذِكر الله تعالى، فلما أدركه الغرق قال: آمنت، فقال الله: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ.
قوله تعالى: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ وقرأ يعقوب «نُنْجيك» مخففة. قال اللغويون، منهم يونس وأبو عبيدة: نُلقيك على نجوة من الأرض، أي: ارتفاع، ليصير عَلَماً أنه قد غرق. وقرأ ابن السميفع «ننحِّيك» بحاء. وفي سبب إِخراجه من البحر بعد غرقه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن موسى وأصحابه لما خرجوا، قال من بقي من المدائن من قوم فرعون: ما غرق فرعون، ولكنه هو وأصحابه يتصيدون في جزائر البحر، فأوحى الله إِلى البحر أن الفظ فرعون عرياناً، فكانت نجاةَ عِبرةٍ، وأوحى الله تعالى إِلى البحر: أن الفظ ما فيك، فلفظهم البحر بالساحل، ولم يكن يلفظ غريقاً، إِلى يوم القيامة، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني: أن أصحاب موسى قالوا: إِنا نخاف أن يكون فرعون ما غرق، ولا نؤمن بهلاكه، فدعا موسى ربه، فأخرجه حتى أيقنوا بهلاكه، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وإِلى نحوه ذهب قيس بن عُبَاد، وعبد الله بن شداد، والسدي، ومقاتل. وقال السدي: لما قال بنو إِسرائيل: لم يغرق فرعون،