الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ: لَوْ أَخَذَ الثَّلْجَ وَأَمَرَّهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِنْ كَانَ الْهَوَاءُ حَارًّا يُذِيبُ الثَّلْجَ/ وَيُسِيلُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ. لَنَا أَنَّ قَوْلَهُ فَاغْسِلُوا يَقْتَضِي كَوْنَهُ مَأْمُورًا بِالْغَسْلِ، وَهَذَا لَا يسمى غسلا، فوجب أن لا يجزئ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: التَّثْلِيثُ فِي أَعْمَالِ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ لَا وَاجِبٌ، إِنَّمَا الْوَاجِبُ هُوَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِالْغَسْلِ فَقَالَ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ وَمَاهِيَّةُ الْغَسْلِ تَدْخُلُ فِي الْوُجُودِ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ حُصُولَ الطِّهَارَةِ فَقَالَ: وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ فَثَبَتَ أَنَّ الْمَرَّةَ الْوَاحِدَةَ كَافِيَةٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ ثُمَّ تَأَكَّدَ هَذَا بِمَا
رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مَرَّةً ثُمَّ قَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّه الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ: السِّوَاكُ سُنَّةٌ، وَقَالَ دَاوُدُ: وَاجِبٌ وَلَكِنْ تَرْكُهُ لَا يَقْدَحُ فِي الصَّلَاةِ. لَنَا أَنَّ السِّوَاكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْآيَةِ، ثُمَّ حَكَمَ بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ بِقَوْلِهِ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَإِذَا حَصَلَتِ الطَّهَارَةُ حَصَلَ جَوَازُ الصَّلَاةِ
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهَارَةُ» .
الْمَسْأَلَةُ الْعِشْرُونَ: التَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِ الْوُضُوءِ سُنَّةٌ، وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: وَاجِبَةٌ، وَإِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا بَطَلَتِ الطَّهَارَةُ. لَنَا أَنَّ التَّسْمِيَةَ غَيْرُ مَذْكُورَةٍ فِي الْآيَةِ، ثُمَّ حَكَمَ بِحُصُولِ الطَّهَارَةِ وَقَدْ سَبَقَ تَقْرِيرُ هَذِهِ الدَّلَالَةِ، ثُمَّ تَأَكَّدَ هَذَا بِمَا
رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَذَكَرَ اسْمَ اللَّه عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَمَنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّه عَلَيْهِ كَانَ طَهُورًا لِأَعْضَاءِ وُضُوئِهِ» .
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: تَقْدِيمُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوُضُوءِ وَاجِبٌ، وَعِنْدَنَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْآيَةِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي السِّوَاكِ وَفِي التَّسْمِيَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: حَدُّ الْوَجْهِ مِنْ مَبْدَأِ سَطْحِ الْجَبْهَةِ إِلَى مُنْتَهَى الذَّقَنِ طُولًا، وَمِنَ الْأُذُنِ إِلَى الْأُذُنِ عَرْضًا، وَلَفْظُ الْوَجْهِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُوَاجَهَةِ فَيَجِبُ غَسْلُ كُلِّ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالْعِشْرُونَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا: يَجِبُ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى دَاخِلِ الْعَيْنِ، وَقَالَ الْبَاقُونَ لَا يَجِبُ، حُجَّةُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَجَبَ غَسْلُ كُلِّ الْوَجْهِ لِقَوْلِهِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَالْعَيْنُ جُزْءٌ مِنَ الْوَجْهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَجِبَ غَسْلُهُ. حُجَّةُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ تَعَالَى قَالَ فِي آخِرِ الْآيَةِ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي إِدْخَالِ الْمَاءِ فِي الْعَيْنِ حَرَجًا واللَّه أَعْلَمُ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ: الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ لَا يَجِبَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّه، وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ رَحِمَهُمَا اللَّه وَاجِبَانِ فِيهِمَا، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّه وَاجِبٌ فِي الْغُسْلِ، غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ. لَنَا أَنَّهُ تَعَالَى أَوْجَبَ غَسْلَ الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ مُوَاجِهًا وَدَاخِلَ الْأَنْفِ وَالْفَمُ غَيْرُ مُوَاجِهٍ فَلَا يَكُونُ مِنَ الْوَجْهِ.
إِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ: إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ يُفِيدُ الطَّهَارَةَ لِقَوْلِهِ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَالطَّهَارَةُ تُفِيدُ جَوَازَ الصَّلَاةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَالْعِشْرُونَ: غَسْلُ الْبَيَاضِ الَّذِي بَيْنَ الْعِذَارِ وَالْأُذُنِ وَاجِبٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمُ اللَّه، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّه لَا يَجِبُ. لَنَا أَنَّهُ مِنَ الْوَجْهِ، وَالْوَجْهُ يَجِبُ غَسْلُهُ بِالْآيَةِ، وَلِأَنَّا