وَالْأَرْضِ
الْفَتْحِ: 4 وَأَيْضًا فَلَا حَاجَةَ بِي إِلَى الْعَسْكَرِ وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ مُحَمَّدٍ: 4 لَكِنَّكَ إِذَا نَصَرْتَنِي نَصَرْتُكَ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ مُحَمَّدٍ: 7 كُنْ مُوَاظِبًا عَلَى ذِكْرِي وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ الْبَقَرَةِ: 203 وَلَا حَاجَةَ بِي إِلَى ذِكْرِكَ لِأَنَّ الْكُلَّ يَذْكُرُونِي وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ لُقْمَانَ: 25 لَكِنَّكَ إِذَا ذَكَرْتَنِي ذَكَرْتُكَ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ البقرة: 152 اخدمني:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ لَا لِأَنِّي أَحْتَاجُ إِلَى خِدْمَتِكَ فَإِنِّي أَنَا الْمَلِكُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ آلِ عِمْرَانَ: 189 . وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الرَّعْدِ: 15 وَلَكِنِ انْصَرِفْ إِلَى خِدْمَتِي هَذِهِ الْأَيَّامَ الْقَلِيلَةَ لِتَنَالَ الرَّاحَاتِ الْكَثِيرَةَ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ الْأَنْعَامِ: 91 .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ: بِحَمْدِكَ قَالَ صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» بِحَمْدِكَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ. أَيْ نُسَبِّحُ لَكَ حَامِدِينَ لَكَ وَمُتَلَبِّسِينَ بِحَمْدِكَ، وَأَمَّا الْمَعْنَى ففيه وجهان: الأول: أنا إذا سبحانك فَنَحْمَدُكَ سُبْحَانَكَ يَعْنِي لَيْسَ تَسْبِيحُنَا تَسْبِيحًا مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ بَلْ تَسْتَحِقُّ بِحَمْدِكَ وَجَلَالِكَ هَذَا التَّسْبِيحَ الثَّانِي: أَنَّا نُسَبِّحُكَ بِحَمْدِكَ فَإِنَّهُ لَوْلَا إِنْعَامُكَ عَلَيْنَا بِالتَّوْفِيقِ لَمْ نَتَمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ كَمَا
قَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَشْكُرَكَ وَأَنَا لَا أَصِلُ إلى شكر نعمتك إلا بنعمتك إِلَّا بِنِعْمَتِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ: «الْآنَ قَدْ شَكَرْتَنِي حَيْثُ عَرَفْتَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنِّي»
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ مِنْ هَذَا التَّسْبِيحِ
فَرُوِيَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ دَخَلَ بِالْغَدَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالْعَكْسِ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي: أَيُّ الْكَلَامِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ قَالَ مَا اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَمَرَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ لَا تُصَلِّي فَقَالَ لَهُ امْضِ إِلَى عَمَلِكَ إِنْ كَانَ لَكَ عَمَلٌ، فَقَالَ مَا أَظُنُّ إِلَّا سَيَمُرُّ بِكَ مَنْ يُنْكِرُ عَلَيْكَ فَمَرَّ عَلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ يَا فُلَانُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَهَا فَوَثَبَ عَلَيْهِ فَضَرَبَهُ، وَقَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِي ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَصَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ صِلَاتِهِ قَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَرَرْتُ آنِفًا عَلَى فُلَانٍ وَأَنْتَ تُصَلِّي وَهُوَ جَالِسٌ فَقُلْتُ لَهُ: نَبِيُّ اللَّهِ يُصَلِّي وَأَنْتَ جَالِسٌ فَقَالَ لِي مُرَّ إِلَى عَمَلِكَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هَلَّا ضَرَبْتَ عُنُقَهُ، فَقَامَ عُمَرُ مُسْرِعًا لِيَلْحَقَهُ فَيَقْتُلَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عُمَرُ ارْجِعْ فَإِنَّ غَضَبَكَ عِزٌّ وَرِضَاكَ حُكْمٌ إِنَّ لِلَّهِ في السموات مَلَائِكَةً لَهُ غِنًى بِصَلَاتِهِمْ عَنْ صَلَاةِ فُلَانٍ، فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا صَلَاتُهُمْ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ سَأَلَكَ عُمَرُ عَنْ صَلَاةِ أَهْلِ السَّمَاءِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ وَأَخْبِرْهُ بِأَنَّ أَهْلَ سَمَاءِ الدُّنْيَا سُجُودٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ:
سُبْحَانَ ذِي الْمُلْكِ وَالْمَلَكُوتِ، وَأَهْلَ السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ قِيَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ: سُبْحَانَ ذِي الْعِزَّةِ وَالْجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ رُكُوعٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يَقُولُونَ، سُبْحَانَ الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، فَهَذَا هُوَ تَسْبِيحُ الْمَلَائِكَةِ» .
الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: نُسَبِّحُ أَيْ نُصَلِّي وَالتَّسْبِيحُ هُوَ الصَّلَاةُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: التَّقْدِيسُ التَّطْهِيرُ، وَمِنْهُ الْأَرْضُ الْمُقَدَّسَةُ ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: نُطَهِّرُكَ أَيْ نَصِفُكَ بِمَا يَلِيقُ بِكَ مِنَ الْعُلُوِّ وَالْعِزَّةِ، وَثَانِيهَا: قَوْلُ مُجَاهِدٍ نُطَهِّرُ أَنْفُسَنَا مِنْ ذُنُوبِنَا وَخَطَايَانَا ابْتِغَاءً لِمَرْضَاتِكَ.
وَثَالِثُهَا: قَوْلُ أَبِي مُسْلِمٍ نُطَهِّرُ أَفْعَالَنَا مِنْ ذُنُوبِنَا حَتَّى تَكُونَ خَالِصَةً لَكَ. وَرَابِعُهَا: نُطَهِّرُ قُلُوبَنَا عَنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِكَ حَتَّى تَصِيرَ مُسْتَغْرِقَةً فِي أَنْوَارِ مَعْرِفَتِكَ قَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ هَذِهِ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى الْعَدْلِ مِنْ وُجُوهٍ: أحدها: